الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 9 ديسمبر 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
عطفه وحنانه
هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا ( متى 8: 17 )
لقد كان لربنا الحنَّان نوع من الآلام مِن جهة عواطف البشرية، وهذا النوع يكشف لنا حقيقة قلب ربنا يسوع وعمق محبته. فقد كان صدره الحنون يرثي للحزين، ويُشفق على البائس، ويتأثر للشقي. ولم يكن مُمكنًا لقلب إنسان كامل أن يُوجَد وسط الشقاء الذي تسبب عن الخطية وعمَّ الجنس البشري، إلا ويتأثر به. ومع أنه كان في شخصه خاليًا من الخطية ونتائجها، لأنه ليس من الأرض بل من السماء، وحياته التي صرفها هنا كانت حياة سماوية، إلا أنه نزل بدافع العاطفة الشديدة والشفقة على شقاء البشر ومصائبهم. نعم، وقد شعر بأحزانهم وألمَّ بأوجاعهم أكثر من الذين حاقَت بهم تلك الشرور أنفسهم، وذلك لأنه كان كاملاً في ناسوته، فضلاً عن ذلك فإنه كان يعرف قيمة الشرور ونتائجها بحسب حقيقتها وقياسها الصحيح في نور مقادس الله، فشعوره كان أرقى شعور، وحاسياته وعواطفه الأدبية وكل صفاته الناسوتية كانت كاملة، ومن ثمَّ فإنه يتعذر علينا إدراك مقدار تألمه من مجرد مروره وسط عالم كهذا، فقد شاهد بني الإنسان يرزحون تحت ثقل الإثم والشقاء، ورأى الخليقة بأسرها تئن تحت نير عبودية الفساد، وصراخ الأسرى كان يدخل أذنيه، ودموع الأرامل كانت تتساقط أمام بصره، ومشاهد الترمل والثكل كانت تمر عليه، فتؤثر في قلبه الحساس، ومنظر الموت والمرض كان يؤلمه، حتى إنه ”أنَّ وانزعج بالروح“. ومَنْ يستطيع أن يُصوِّر مقدار الآلام المُبرحة التي كان يُعانيها من جراء تلك الظروف؟

في متى 8: 16، 17 نقرأ: «ولمَّا صارَ المساء قدَّموا إليهِ مجانين كثيرين، فأخرج الأرواح بكلمة، وجميع المرضى شفاهم، لكي يتم ما قيل بإشعياء .. القائل: هو أخذَ أسقامنا وحَمَل أمراضنا». وهذا هو الحنان الصحيح، بل هذه هي عواطف الاشتراك في الآلام بمعناها الحقيقي، كما ظهرت في ذلك الإنسان الكامل. فالأسقام والأمراض التي حملها لم تكن أسقامه ولا أمراضه، بل هذه هي الصفات المُعبَّر عنها أحيانًا ”بالضعف بلا خطية“ ( عب 4: 15 )، الأمر الذي دلَّ على أنه اشترك في ناسوت فعلي حقيقي كامل، وأما مِن جهتنا نحن فيمكننا أن نرثي لبعضنا البعض، ونشترك في حاسيات الواحد مع الآخر، أما الرب يسوع وحده فهو الذي أمكنه أن يأخذ أسقامنا ويحمل أمراضنا.

اذكروا لي اسمَ يسوعَ في الرزايا والمصائبْ
فهو يعطيني عزاء في شديدات النوائبْ

كاتب غير معروف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net