الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 27 فبراير 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مريم والنصيب الصالح
مَرْثَا،مرثا، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ ... وَلَكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا ( لوقا 10: 41 ، 42)
البيت كان لمرثا وهي قبلت الرَّب كضيف بغاية السرور، وأخذت تعدُّ لهُ من أفضل الموجود عندها. لا شك بأنها أرادت أن تكرم الرَّبِّ، وكانت تسمع كلامهُ. لكننا نجد هنا أن مريم تقبل طعامًا منهُ بينما أختها ترتبك في استحضار طعام لهُ. لا شك بأن مريم عرفت أن الرَّب جائع ومُعْييَ، ولكنها عرفت أيضًا أنهُ يحب أن يَخْدم أكثر من أن يُخدَم. فبدل أن تخدمهُ جلست عند قدميهِ لكي تُخدَم منهُ. ونرى هنا الفرق بين الأختين؛ مرثا نظرت إلى تعبهِ واحتياجهِ الجسدي وبادرت إلى أن تعطيهُ، وأما مريم فأدركت ملء المحبة في قلبهِ فاتخذت الفرصة لتنال منهُ. فحكم ابن الله بينهما وأظهر بقضائهِ أيتهما كانت أقرب إليهِ. لقد وقفت مرثا وقالت: «يا رب، أمَا تُبالي بأن أختي قد تركتني أخدم وحدي؟ فقُل لها أن تُعينني!». سكت الرَّبُّ، ما دامت مرثا مهتمَّة بعملها الخاص وارتضى بذلك أيضًا، ولكن لمَّا تداخلت في خدمتهِ لأختها المُتعطشة إلى كلامهِ وبَّخها وأظهر حُكمهُ بين الطعام البائد والطعام الباقي للحياة الأبدية. «فأجابَ يسوع وقال لها: مرثا، مرثا، أنتِ تهتمين وتضطربين لأجل أمورٍ كثيرة، ولكن الحاجة إلى واحد. فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن يُنزَع منها». فالنصيب الصالح هو الجلوس عند قدمي يسوع والإصغاء لكلامهِ. نعلم أن الرَّب كان يتعب ويعيا كإنسان فاحتاج إلى الطعام والراحة بالنوم كغيرهِ، ولكنهُ كان يحمل في ذاتهِ مصدر الراحة والقوت والانتعاش للآخرين وكثيرًا ما وجد مأكلهُ ومشربهُ في خدمتهِ لهم بحسب مشيئة الآب «أمَا عرفتَ أم لم تسمع؟ إلهُ الدهرِ الرب خالق أطراف الأرض لا يكلُّ ولا يعيا. ليس عن فهمهِ فحصٌ. يُعطي المُعيي قدرةً ولعديم القوة يكثِّر شدةً» ( إش 40: 28 ، 29). فعرفَتهُ مريم في صفاتهِ العظمى كمَن يروي غليلها ولا يعيا في صنع الخير الذي كانت تحتاج إليهِ فارتضى بها وهي جالسة صامتة مصغية أكثر من مرثا المرتبكة في خدمة كثيرة. نعلم أن الاجتهاد في الخدمة واجب في وقتهِ، ولكن الكثير الخدمة، والقليل الشركة لا ينجُ روحيًّا. إلهنا له المقام الأول في القوة والجود، ويحب أن يُعطي ويجعلنا مديونين لهُ. ولا يزال شعورنا باحتياجنا إليهِ في ملء نعمتهِ يسرُّهُ أكثر من كل أنواع الخدمة التي نقدر أن نخدمهُ بها.

تحت ظلِّكَ حبيبي أشتهي أن أجلسَ
حيثما كل ابتهاجي حيثما أنسى الأسى

بنيامين بنكرتن
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net