الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 13 يونيو 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يَضْحَكُ
يَضْحَكُ عَلَى جُمْهُورِ الْقَرْيَة. لاَ يَسْمَعُ زَجْرَ السَّائِقِ ( أيوب 39: 7 )
هذه العبارة هي ضمن العبارات الذهبية، التي أدلى بها الربُّ نفسُهُ وهو يتكلَّم إلى عبدِهِ المُبْتَلَى أيوب. وبالفعل هي ذهبية، فلقد وَعَدَ أليهو أيوبَ في ختامِ حديثهِ، وقبل حديثِ الربِّ مباشرةً: «من الشمال يأتي ذهبٌ. عند الله جلال مُرهبٌ» ( أي 37: 22 ). وبدءًا من أيوب 38: 39 وحتى أيوب 39: 30 نجد سباعيةً، ساقها الربُّ ضمن حديثهِ عن عالمِ الحيوان، تبرِزُ دروسًا مُبَسَّطةً، تشرح شيئًا عن سياسةِ اللهِ وصفاتِهِ المتناغمة حتى في إدارتِهِ لعالمِ الخلائقِ غيرِ العاقلةِ، فكم بالأحرَى معنا، الذين «أفضل من عصافير كثيرة!» ( مت 10: 31 ).

في هذه السباعية، وَرَدت كلمة ”الضَحِك“ ثلاث مراتٍ ( أي 39: 7 ، 18، 22)، ومِن كُلٍ منها نتعلَّم درسًا عمليًا هامًا. ولكنني سأقِفُ تحديدًا على كلمةِ ”يضحكُ“ في الآيةِ المذكورةِ أعلاه. في هذه الآية، نقرأ عن الفراءِ أي الحمار الوحشي، وهذا المخلوق، فكَّ اللهُ رُبُطَهُ أي أطلَقَهُ حُرًا. والحمار الوحشي هذا، لا يقتات على اللحوم لكنَّ الخُضرةَ هي طعامُه الأساسي، كُنَّا نظنُه يهرَعُ إلى القرى، مُرتجيًا فلاَّحيها، بحثًا عن الخضرةِ، ولكننا نقرأ العكسَ تمامًا: «الذي جعلت البرية بيته والسباخ (الأرض البور) مسكَنَهُ. يضحَكُ (لا يعتَّد) على جمهور القرية. لا يسمع زَجر السائق. دائرة الجبال مَرعَاه، وعلى كل خضرةٍ يفتش» ( أي 39: 6 -8). وكلمة ”يضحَكُ“، هى ليست حرفية، لأن الحمارَ لا يضحك، ولكنها تعني عدم الاكتراث بل وعدم الرغبة في ضوضاء القرية.

أخي المؤمن، هل أدرَكْنا أن الأرض بكلِّ ما تحمِلَهُ مِن خضرةٍ وبكلِّ ما تُعلِنُه مِن حضارةٍ هي ليست سوى بلقَعٍ؟ أ لم يضحكْ يعقوبُ الوقور، أقصدُ لم يَعْتَدّ بكلِّ ما حَمَلَهُ قصرُ فرعون مِن حضارةٍ ورفاهيةٍ، وكأنَّ عينيه الذابلتين، لم يدلفْ إليها نورُ ولا بريقُ هذه الحياة الزائلة مرةً جديدة، كذا أياديه المرتعشة لم تُمسِك بها؟ أ لم يصمم على خلاصةِ الفاهمين: «أيامُ سني غربتي مئة وثلاثون سنة. قليلة ورَديَّة» ( تك 47: 9

فها الحمارُ الوحشي يضحك على جمهور القرية، ويعقوب يضحكُ على قصرِ فرعون، وها موسى يأباه، وبولس يحسبُها نفاية، فهيا نحن أيضًا نضحَكُ.

أنا لستُ إلا غريبًا هنا فإنَّ السما موطني
نزيلٌ أنا وسطَ أرضِ العنا فدارُ العُلا موطني

بطرس نبيل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net