الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 10 أكتوبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الصلاة .. سلاح الأعزل
وَأُخْبِرَ دَاوُدُ ... إِنَّ أَخِيتُوفَلَ بَيْنَ الْفَاتِنِينَ مَعَ أَبْشَالُومَ، فَقَالَ ... حَمِّقْ يَا رَبُّ مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ ( 2صموئيل 15: 31 )
في “مَصعَد جبل الزيتون” عرف داود بخيانة ”أَخِيتُوفَل“ مُشيره السابق. وباستثناء عصيان وتطاول ابنه أبشالوم عليه، كانت خيانة ”أَخِيتُوفَل“ هي أَمَرّ مكوِّنات كأس الآلام التي كان على داود أن يتجرَّعها. ويا لها أيضًا من ضربة قاسية مُحبطة لداود؛ فقد «كانت مشورة أَخِيتُوفَل التي كان يُشير بها في تلك الأيام كمَن يسأل بكلام الله» ( 2صم 16: 23 ). ومن الواضح أن داود كان خائفًا من مشورة أَخِيتُوفَلَ وحكمته وحنكته السياسية، أكثر من خوفه من جرأة وجسارة وقساوة واندفاع وتهوُّر أبشالوم.

وعندما قيل لداود: «إنَّ أخيتوفَل بين الفاتنين مع أبشالوم»، فقد انسحق قلب الملك المسكين بهذا. وهكذا جفت كل المصادر البشرية للمعونة بخلاف المصدر الوحيد الذي كان كافيًا له تمامًا، ولم يجد داود سبيلاً إلا اللجوء إلى الصلاة والتضرُّع إلى الله على رجاء أن يرحمه ويُنجيه من انتقام أَخِيتُوفَل، وترجَّى أن يرحمه الله فصلى قائلاً: «حمِّق يا رب مشورة أخيتوفَل» ( 2صم 15: 31 ).

كان داود – رغم كل شيء – هو رجل الإيمان؛ الرجل الذي حَسَبَ قلب الله. لقد عرف الرب، وعرف مخازن نعمته التي لا تُحدّ. لقد كان يعرف ويُدرك ما قاله أيوب عن الرب: «عندَهُ الحكمة والقدرة. له المشورة والفِطنة ... يذهب بالمُشيرين أسرى، ويحمِّق القضاة ... ينزع عقول رؤساء شعب الأرض، ويُضلُّهم في تيهٍ بلا طريق» ( أي 12: 13 -24).

وفي أثناء هَربه، لم تكن الفرصة سانحة لداود ليقضي وقتًا طويلاً في الصلاة لله. ولكن الصلاة الحقيقية لا تُقاس بطولها، بل بعُمقها. وهكذا سكب داود ذوب قلبه في صلاة قصيرة عميقة: «حمِّق يا رب مشورة أخيتوفَل» ( 2صم 15: 31 ؛ قارن من فضلك نح2: 4؛ مت14: 30).

ويا له من مثال مُبارك ومُشجع للصلاة يتركه لنا داود هنا! ويا للصلاة القصيرة العميقة التي سُمِعَت في الأعالي، واستُجيبت في حينها! ويا للتشجيع الذي لنا في هذه الاستجابة! لقد استُجيبت الصلاة في الحال بوصول “حُوشاي الأركي” الذي سيستخدمه الرب في ”إبطال مشورة أخيتوفَل الصالحة ليُنزِل الشر بأبشالوم“ ( 2صم 15: 32 -37؛ 16: 15-17: 14). حقًا إن «طِلبَة البار تقتَدرُ كثيرًا في فِعلها» ( يع 5: 16 ). ومرة أخرى يتبرهن لنا أن الصلاة هي قوة الضعفاء، وسلاح العُزَّل، ودفاع مَن لا سَند أو عضَد له.

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net