الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 31 أكتوبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
كمال الكلام
..وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ، جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا.. ( لوقا 2: 46 ، 47)
عرف الرب يسوع كيف يُجاوب كل إنسان بكلمات كانت كل حين بنعمة ولفائدة السامعين. وعندما كان يُجيب عن الأسئلة التي تُوَّجه إليه، لم يكن يقصد الإجابة عن الأسئلة في حد ذاتها، بمقدار ما كان يهمه الوصول إلى أعماق نفس سائليه، وإظهار حالتهم كما هي.

ففي صمته أو في كلامه، سواء أَ كان أمام اليهود أو الأمم، أو بالحري أمام الكهنة أو بيلاطس وهيرودس، يُمكننا أن نلمَح بسهولة ذلك الجمال الأدبي والكمال الغريب، أو على الأقل يُمكننا أن نرى فيه الشخص الوحيد من بين جميع الناس الذي عرف: كيف ومتى يصمت، وكيف ومتى يتكلَّم. وقد ظهرت في الرب هذه الصفة بصور عديدة. فمرة نراه لطيفًا حليمًا، وأخرى نراه ناهيًا. مرة مُحَاجًا، وأخرى مُوبِّخًا بلا إمهال أو إبطاء، لا بل ومرة يتدرَّج في البحث والحديث إلى أن يصل به إلى نقطة الحكم على الذات وإظهار شبح الدينونة المُريع. كان يعرف ويُقدِّر الظروف المحيطة به، فهو الذي به ”توزن الأعمال“ بحسب قيمتها في نظر الله، وكانت كلماته وأعماله فيها الجزاء الكافي لهذه الأعمال.

والآن نسأل سؤالاً: أَ ليس من المُلائم تمامًا أنه لم يُذكَر عن الرب في لوقا 2 أنه كان يُعلِّم أو يتعلَّم، بل قيل عنه إنه كان يسمع ويسأل أسئلة؟ بلى. هناك مُلائمة تامة، فلو كان قد قيل: ”كان يُعلِّم“ لكان في ذلك خروج عن الوقت المناسب، إذ كان لم يَزل صبيًا مع شيوخ. ولو قيل ”كان يتعلَّم“ لكان في ذلك مخالفة لِما هو عليه من نور. وإذا كان هو النور بنفسه، ولأنه كان أحكم من كل مُعلِّميه، وأكثر فطنة من الشيوخ ( مز 119: 100 ). وهنا أيضًا تتجلَّى النعمة التي يُطالبنا الوحي بأن تكون كل حين في كلامنا ( كو 4: 6 ). لأننا نقرأ عن هذا الصبي وهو في الهيكل جالسًا وسط المُعلِّمين، أنه كان ينمو ويتقوَّى بالروح مُمتلئًا حكمة، وقد عرف في كامل نعمته كيف يُظهِر كمال حكمته في هذا الظرف.

وما أجمل أن نذكر “أليهو بن برخئيل البوزي” في هذه العُجالة، فهو قد صمت إذ كثرة السنين كانت أمامه، والأيام العديدة كانت تتكلَّم، ولكنه كان يعرف أن فيه روحًا من الله وكان من واجبه أن يُعلِن الحق الذي هو بحسب ما تعلَّم من الله، ولولا ذلك لَمَا نطق ببنت شفة، بل لاستمر صامتًا إلى النهاية.

فأيُّ شخصٍ يا تُرَى نظيرُ شخصِهِ المُنيرْ
فما لَهُ بينَ الورَى أو في السماواتِ نظيرْ

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net