الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 15 مارس 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
لم يُرضِ نفسَهُ
فَلْيُرْضِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا قَرِيبَهُ لِلْخَيْرِ ، لأَجْلِ الْبُنْيَانِ. لأَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً لَمْ يُرْضِ نَفْسَهُ ( رومية 15: 2 ، 3)
كان الرب يسوع - له المجد - يجتاز في أكثر أوقات حياته على الأرض صعوبة، وكانت الآلام تعتصره من كل جهة؛ آلام الخيانة من يهوذا، والإنكار من بطرس، والترْك من التلاميذ جميعًا، وآلام الظلم الرهيب الذي كان يتعرَّض له من رجال الدين المُرائين، الذين حاولوا باجتهاد شديد أن يَدينوه بتُهم باطلة عن طريق شهود زور. وأيضًا آلام الجَلْد، وإكليل الشوك الرهيب الذي كلَّل رأسه الكريم، واستهزاء الجنود واحتقارهم وإهاناتهم، وتطاول أياديهم وألسنتهم، وأيضًا كأس الآلام الكفارية الرهيبة التي كان يعلَم أنه سوف يشربها وحده على خشبة العار وفي ثلاث ساعات الظلمة.

ووسط كل هذه الضغوط الرهيبة والآلام المتنوعة، التي لا مثيل لها، والتي لا يمكن أن يَدَّعي أي إنسان أنه اجتاز في أي شيء يُشبهها، كان السَيِّد العظيم غير مشغول لحظة واحدة بنفسه أو بما يجتاز فيه. في البستان حين خرجوا عليه بسيوفٍ وعصي ليلقوا عليه الأيادي، واستَّل بطرس سيفه، وقطع أُذن العبد ”مَلخُس“، لم يتركه الرب يذهب إلى بيتهِ جريح الأُذن، بل لمَس أُذُنه وأبرأها، ثم أكمل طريق الآلام. وعندما ناحَت عليه بنات أورشليم، كان رَّد فعله في حنان شديد ومحبة هو أن يُحذرهم من المصير الأسود الذي كان ينتظرهن وأولادهن، وهو – تبارك اسمه - يرى بعين النبوة ما سيفعله تيطس الروماني بأورشليم وشبابها سنة 70 ميلادية كعقاب رهيب من الله على الجريمة الرهيبة التي كانوا مزمعين أن يرتكبوها بصلب ابن الله. بل وهو على عود الصليب، وقبل لحظات من اجتيازه في نيران عدالة الله، نراه يُخلِّص لصًا أثيمًا مصلوبًا إلى جواره، يحصد نتيجة جرائمه، ويؤكد له: «الحق أقول لكَ: إنك اليوم تكون معي في الفردوس» ( لو 23: 43 ).

حقًا ما أروع هذا الشخص الفريد العجيب! وما أمجد هذه الحياة التي فيها لم ينشغل لحظة واحدة بنفسه! فحتى وهو في أَتون الآلام الرهيبة كان يعمل أعظم الأعمال تجاه الآخرين، ويُظهِر أسمى المشاعر نحوهم. إن أصعب شيء لأي شخص متألم، ولو بآلام بسيطة، أن يُفكِّر في الآخرين، أو أن يُقرِّر أن يعمل أي شيء لأجلهم، لكن الشخص الذي يتمثَّل بالسيِّد في هذا الأمر هو الشخص الذي تكون حياته مُثمرة مؤثرة بل ويكون سبب شبع وسرور لقلب الله الآب.

حَدِّثوني أيُّ حُبٍّ قادَهُ نحوَ الصليبِ
فمشى أصعَبَ دَربٍ أيُّ شخصٍ كحَبيبي

مدحت حلمي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net