الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 24 إبريل 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
عناية الله بخليقته
النَّعَامَةِ.. تَتْرُكُ بَيْضَهَا وَتُحْمِيهِ فِي التُّرَابِ، وَتَنْسَى أَنَّ الرِّجْلَ تَضْغُطُهُ، أَوْ حَيَوَانَ الْبَرِّ يَدُوسُهُ! ( أيوب 39: 13 - 15)
يتباين تصرُّف هذا الطائر العجيب عن باقي الطيور بصفة عامة، في الكيفيَّة التي يحتفظ بها ببيضه، وكيفيَّة العناية به، وأسلوب الاهتمام به. بدايةً، إنَّها لا تبني عُشًّا لبيضها كباقي الطيور، فنُحن نُعجَب ونُبهَر من روعة ما تبنيه الطيور من أعشاش مختلفة، تتفوَّق على بعضها في الإتقان والجمال، فمهما صغر حجم الطائر نجده بصبر وإتقان عجيب يبني عُشَّه، ليهيئ مكانًا مناسبًا فيه يستقبل بيضه. كما أنَّ الطيور لا تبني أعشاشها في أي مكان، فهي تختار مكان العش بعناية، وتجعله عادةً بعيدًا عن الأعيُن، سواء فوق غصون الأشجار، أو في شقوق الصخور، حتَّى يصعب البلوغ إليه. وهذا ما نجد تلميحًا له في كلمات بني قورح: «العصفور أيضًا وجدَ بيتًا، والسُّنُونة عُشًا لنفسها، حيث تضع أفراخها» ( مز 84: 3 ).

وكل طائر يحرص جدًّا في العناية ببيضه، وعادةً يتناوب الذَكَر مع الأُنثى الرقاد عليه والعناية به. ولكنَّنا لا نجد كل هذا في النَّعامة، فرغم كثرة ما تضعه من بيض، يتراوح بين 25-30 بيضة، فهي لا تُكلِّف نفسها لتبني عُشَّا له، بل تحفر حفرة قليلة العمق لتضع بيضها، وتُغطِّي أغلبه بالرمال، ولكن يبقى البعض منه غير مُغطَّى.

كما أنَّها لا تعطي أي اهتمام خاص ببيضها، فبالرغم من أنَّها تضعه بالقرب من سطح الأرض، مُعرَّضًا أن يعبر عليه وحوش البريَّة فتكسره، فإنَّها لا تبقى بالقرب منه لتحرسه كما تفعل معظم الطيور، وكأنَّها غافلة عن الخطر الذي قد يُصيبه وهى بعيدة عنه! بل قد تتجوَّل بعيدًا عن مكان البيض، فلا تستطيع تمييز مكانه بعد ذلك، لكنَّها إذا لاحظت مكانًا آخر فيه بيض لا تهتم إذا كان هذا بيضها هي أم لا، فترقد عليه!!

وهنا نرى صلاح الله في اعتنائه بكل خليقته، فإن كانت النعامة لا تقوم بدورها كما يجب في الاعتناء ببيضها، فإنَّ الله دعَّم البيض بقشرة سميكة، تحميه من الكسر السريع، كما تحمي الجنين من حرارة الصحراء، كما أنَّ البيض لا يحتاج إلى رقود الأُم عليه لفترات طويلة بسبب المناخ الحار وسخونة الرمال. إنَّ إهمال النعامة، وتقصيرها، عوِّضه الله الصالح المُنعِم والجوَّاد.

لِمَ أخافُ حُزنًا أو ظلمةً تدنـو
لِمَ يئنُ قلبي للسَّما لا يرنو
وسيدي نصيبي دومًا وصاحبـي
يقوتُ كلَّ طيرٍ وكذا يهتمُ بي

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net