الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 25 إبريل 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
برية يهوذا
يَا اللهُ، إِلَهِي أَنْتَ. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي، يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ .. بِلاَ مَاءٍ ( مزمور 63: 1 )
من عنوان مزمور 63 نُدرك أن كاتبه هو داود، وأنه كتَبَه في ”برية يهوذا“ حيث كان مُطارَدًا، ربما من ابنه أبشالوم. ومما يدعو إلى العَجب والاندهاش أن نصيب يهوذا الوارد ذكره في يشوع 15 والذي نرى اتساعه، كما نرى أيضًا كثرة المدن التي تتبعه وغناها، توجد فيه برية، تُوصف بأنها «أرضٍ ناشفة ويابسة بلا ماء» (ع1). ولكن في وسط هذه البرية تشبع نفس المؤمن وتلتصق بالرب. في وسط برية يهوذا (معناه: الحمد)، يوجد ابتهاج وتسبيح (ع5)، وتوجد الحماية تحت ظل جناحيه (ع7).

هذا المزمور الذي هو واحد من ”ترانيم البرية“ هو نظير رسالة الرسول بولس إلي المؤمنين في فيلبي؛ رسالة البرية التي لا ينقطع فيها فرح المؤمن الذي شعاره: «أفعل شيئًا واحدًا: إذ أنا أنسى ما هو وراء، وأمتد إلى ما هو قدام» ( في 3: 13 ).

يبدأ العدد الأول من هذا المزمور بداود مُتحدِّثًا إلى الله مباشرةً. وداود في مُخاطبته لله، يتخذ الله إلهًا شخصيًا له، فلا يقول ”إله آبائي“ ولكن ”إِلهِي“، تمامًا كما يقول في مزمور 23 «الربُّ راعيَّ». داود يُخصص الله لذاته، مثل دانيآل الذي قال للملك داريوس: «إلهي أرسلَ ملاكهُ وسدَّ أفواه الأسود فلم تضُرَّني» ( دا 6: 22 ).

لم يكتفِ داود بأن يسجل أن الله إلهه، بل أكد هذا الارتباط بكلمة «أَنْتَ»، وهكذا نرى أن قوله: «يا الله إلهي أنت»؛ إقرار واعتراف أنه ليس له إلهٌ آخر عنده.

«إليكَ أُبكِّر» ... ما أعظم بركات التبكير إلي الرب. وهذا يذكِّرنا بالمَنّ (رمز للمسيح) الذي كل مَن يطلبه لا بد أن يُبكِّر ليجمعه، قبل أن يذوب عندما تشرق الشمس. وما أعظم البركات التي نالها إبراهيم عندما ”بَكَّرَ“ لتنفيذ أمر الرب، وكذلك مريم التي بَكَّرت في الذهاب إلي القبر والظلام باقٍ! كما أن أعظم البركات هي بركة التبكير في العمر للارتباط بشخصه الكريم المبارك بالإيمان والعيشة له، كقوله له المجد: «الذين يُبكِّرون إليَّ يجدونني» ( أم 8: 17 ).

يصوِّر داود مدى احتياجه إلي الله بالعطش. ويصوِّر اشتياقه هذا في مزمور 42 بقولهِ: «كما يشتاقُ الإيَّلُ إلى جداول المياه، هكذا تشتاقُ نفسي إليكَ يا الله. عطشت نفسي إلى الله، إلى الإله الحي». ويقصد داود بالاشتياق: الاجتماع إلى الرب والشركة معه. يا ليت قلوبنا تمتلئ دائمًا بالاشتياق إليه!

كاتب غير معروف

الأحد

26

إبريل

المحبة الإلهية

لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ..

( يوحنا 3: 16 )

إننا نحن الذين آمنَّا، وصارت لنا حظوة أولاد الله، مِن حقنا أن نفرح ”لأن الآب نفسه يحبنا“. لكن الذي «أحب العالم» هو «الله» القدوس، الله العادل، ومع ذلك فقد «أحب»! لمْ يُحب اليهود دون الأُمم؛ لم يحب مَن حَسنت أخلاقه دون مَن ساءت، بل أحب الجميع، كل البشر الذين «تصوُّر قلوبهم شرير منذ حداثتهم». ومِن حق هذه المحبة أن نقف عندها طويلاً، ولئن لم يكن لها حدود، نظير الله غير المحدود، فإن لها وزنًا يذكره «الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب». وذلك الوزن أو الميزان بكفتيه هما: «هكذا» ثم «بذل». إنها حقًا أسمى مِن أن نُدركها، ولغة البشر تعجز عن وصفها. فالابن المجيد وصف لنا هذه المحبة بالكيفية التي نحتملها بقوله: «هكذا (أي بهذا المقدار) أحبَّ الله العالم حتى بذل (أعطى) ابنَهُ الوحيد». تلك العطية التي تأملها الرسول بولس فعبَّر بالقول: «فشكرًا لله على عطيتهِ التي لا يُعبَّر عنها».

إن هذه المحبة ليست نفخة ”تكبُّر وتعظُّم“، بل نفحة ”الطِّيب المُريح“. ليست تعبيرًا، بل تعبُّدًا وعبيرًا. ليست مُتعة وقتية عابرة، بل هي أمانة حتى الموت. ويقول الكتاب عن المحبة، «أيَّة محبة»، إنها «تكميلُ الناموس» ( رو 13: 10 ). وهل هناك عديل لها - لمحبة الله – نراها مِن خلاله؟ هل محبة الأُم نفحة مِن محبة الله؟ وقديمًا قال الله بنفسه: «هل تنسى المرأةُ رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟». البشر يقولون: لا، أما الله فيقول: نعم «حتى هؤلاء يَنسين، وأنا لا أنساكِ». جاء وقت مجاعة في تاريخ الشعب القديم حتى إن «أيادي النساء الحنائن طبخت أولادهُنَّ. صاروا طعامًا لهُنَّ» ( مرا 4: 10 ). يا للإنسان في أعز وأغلى العواطف: أناني، ولسان حاله: أنا والطوفان بعدي! أما الله فإنه «هكذا أحب ... حتى بذلَ».

ومحبة الله ستظل سبب تعزية دائمة للمؤمن لا سيما في ساعة الحزن والآلام الشديدة. ويُروى عن أخ تقي في ساعات احتضاره مرَّت عليه ليلة آلام شديدة، فسأله صديق عزيز في الصباح: كيف أنت اليوم؟ أجاب الأخ المُحتضر: ”أنا بخير فوق الوصف، لأن رأسي يتوسَّد ثلاث وسائد ناعمة: وسادة محبة الله غير المحدودة، ووسادة قوة الله غير المحدودة، ووسادة حكمة الله غير المحدودة. وإذ إن هذه الوسائد ملكي فأنا بخير وسلام“.

الله يا أبانا قدْ أحببتَنا منذُ الأزلْ
دعنا نُعظِّم اسمَكَ ما دام في العُمرِ أجَلْ

أديب يسى
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net