الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 23 مايو 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
قارورة الطيب
تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ مَعَهَا قَارُورَةُ طِيبٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ، فَسَكَبَتْهُ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ ( متى 26: 7 )
ماذا يا ترى كان غرض هذه المرأة وهي تسير إلى بيت سمعان الأبرص؟ أَ كان غرضها أن تُعلن عن رائحة طِيبها؟ أم أن تعرض قارورتها الجميلة؟ أو أن تكتسب ثناء الناس على عملها؟ أو أن تُحرِز اسمًا بين جماعة قليلة من أصدقاء المُخلِّص بسبب محبتها وتعبُّدها؟ كلا، لم يكن هذا غرضها، ونستطيع أن نعرف ذلك لأن الله العظيم خالق جميع الأشياء، الذي يعرف خفايا القلوب والعوامل الداخلية التي فيها، إله المعرفة الذي به تُوزَن الأعمال، كان حاضرًا هناك في شخص يسوع الناصري، ووزَن عملها بموازين المقادس، وختمها بختم قبوله ورضاه، ولم يكن ليختمها هكذا لو أنه وجد فيها أي زغل أو باعث فاسد، فعيناه الطاهرتان قد اخترقتا إلى أعماق نفس هذه المرأة وكشفتا ما عملت، وكيف عملته، ولماذا عملته، وبعد ذلك أعلن قائلاً: «إنها قد عملت بي عملاً حسنًا!».

وجملة القول: إن غرضها كان شخص المسيح نفسه، وهذا ما أكسب عملها قيمة عظيمة وأرسل رائحة طِيبها إلى عرش الله توًا، فلم تكن تفتكر أن ملايين لا تُحصى من الناس سيقرأون عن خدمتها وإخلاصها، ولم يكن يخطر ببالها أن يد السَيِّد ستدوِّن صنيعها على صفحات الأبدية التي لا تُمحى. ولو كانت قد فكَّرت أو سَعَت إلى شيء من هذا لسلَبت قوة عملها وأفقَدت جمال تضحيتها.

على أن ربنا المبارك اهتم بحفظ ذكرى هذا الصنيع الجميل فلم يمدحه ويثني عليه فقط، بل أرسل مديحه إلى المستقبل أيضًا. وقد طاب قلب هذه المرأة بهذه النتيجة، وفرحت نفسها برِضى سَيِّدها فاستطاعت أن تحتمل احتقار الناس، ولو كانوا رُسل المسيح أنفسهم، وأن لا تعبأ بوصفهم عملها “بالإِتلاف” لأن غرضها كان شخص المسيح من أول الأمر إلى آخره؛ من وقت أن وضعت يدها على القارورة إلى أن كسرتها وسكبت طيبها على شخصه المبارك، وقد أدركت أنسب خدمة يمكن تقديمها إليه في تلك الظروف، وبكل فطنة وحكمة قامت بها غير حاسبة لقيمة الطِّيب حسابًا، بل شاعرة بأن الرب يستحق أضعاف ذلك، أما الفقراء فكان لهم مكانهم الخاص، وأما السَيِّد فكان أغلى عندها من جميع فقراء العالم. وقصارى القول: إن المسيح كان مالئًا قلبها، فحسبت أن كل ما يُنفق في سبيله ليس إتلافًا ولو قال عنه الآخرون كذلك. وفي الوقت المُعيَّن قامت بتلك الخدمة التي هي أمجد خدمة كان يستطيع الناس أو الملائكة عملها في ذلك الحين.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net