الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 16 يونيو 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
وادي قدرون وحتمية الألم
وَعَبَرَ الْمَلِكُ فِي وَادِي قَدْرُونَ، وَعَبَرَ جَمِيعُ الشَّعْبِ نَحْوَ طَرِيقِ الْبَرِّيَّةِ ( 2صموئيل 15: 23 - 29)
«وادي قدرون» ... والاسم معناه ”وادي الكَدَر“ أو ”الوادي الأسود“. وهو وادي مُتسع شرق أورشليم، ويفصل بينها وبين جبل الزيتون. وكان ”وادي قدرون“ يُعتبَر مكانًا نجسًا وكريهًا للنفس القدوسة ( لا 14: 40 ، 45)، فقد كانت تُلقى فيه نفايات وقاذورات مدينة أورشليم، وأيضًا مُخلَّفات الذبائح التي كانت تُقدَّم في الهيكل. ونفهم مما جاء في 2ملوك 23: 6؛ إرميا 31: 40 أنه في ”وادي قدرون“، كانت تُوجد قبور عامة الشعب، وكان يُلقى فيه رماد الأوثان والرجاسات التي يُحطمها الملوك الأتقياء ليُطهِّروا أورشليم منها. وهذا ما فعله الملك آسا ( 1مل 15: 13 ؛ 2أخ15: 16)، والملك حزقيا ( 2أخ 29: 16 2مل 23: 4 )، والملك يوشيا (2مل23: 4، 6، 12).

وبالرغم من كل ذلك يتنبأ إرميا نبوته السعيدة عن ”وادي قدرون“، والمُرتبطة بالعهد الجديد الذي سيقطعه الرب مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا، فيقول: «ها أيام تأتي ... وتُبنَى المدينة للرب .. ويكون وادي الجثث والرماد وكل الحقول إلى وادي قدرون .. قُدسًا للرب .. إلى الأبد» ( إر 31: 38 -40).

أما إذا تركنا المنظور النبوي وتفكَّرنا في التاريخ المقدس المرتبط بهذا الوادي نقول إن في 2صموئيل 15: 23 ذُكر ”وادي قدرون“ يوم كان داود مُطارَدًا من أبشالوم، محزونًا هو ورجاله الأوفياء، وكانت جميع الأرض تبكي بصوتٍ عظيم، وجميع الشعب يعبرون، كما قيل: «وعبَرَ الملك في وادي قدرون، وعبَرَ جميع الشعب نحو طريق البرية». في هذا المعبَر الكئيب سار داود المُطارد، وبعده بنحو ألف سنة اجتاز المسيح نفس هذا الوادي ( يو 18: 1 ).

عبر داود ذلك الوادي الأغبَر طريدًا هاربًا – مع رفقائه – من ابنه العاق؛ فالرَجُل الذي حَسَبَ قَلْب الله لم يُستثنَ من التجربة. لا بل كل حياته كانت تجربة طويلة. كان داود ممسوحًا من الرب، وكان أيضًا مُجرَّبًا من الرب. فلماذا إذن نترجَّى المُعافاة؟ وعلى طريق الأحزان عبَر أشراف الجنس البشري باكين ونائحين، فلماذا إذن نشكو كأنه أصابنا أمرٌ غريب؟ ( 1بط 4: 12 ).

وملك الملوك نفسه لم يحظَ في هذا العالم بطريق بلا آلام، بل قد عبَر ذلك الوادي الأغبَر نفسه؛ وَادِي قَدْرُون، الذي فاضت عليه شرور أورشليم.

ولقد قال مرة تشارلس سبرجن: ”ليكن معلومًا أن الله له ابن وحيد بلا خطية، لكن ولا واحد من ”أولاده“ اُستُثنى من الآلام“.

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net