الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 5 يونيو 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إله كل نعمة
وَرَأَى حُلْمًا، وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ .. وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ، وَهُوَذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا ( تكوين 28: 12 )
كيف ليعقوب المُبارك والمحبوب أن يفترش الرمال ويلتحف بالسماء وتكون وِسادته من حجر؟ إن هذا كان بسبب الأسلوب الأعوج والجسدي الذي انتهجه «فإن الذي يزرعه الإنسان إيَّاهُ يحصد أيضًا». وحشة القفر الخَرِب، ووحشة الليل الكئيب، ووسط العديد من المخاطر ووحوش البرية، باتَ ليلته الأولى مُستسلِمًا لليأس، لا يعلم إذا كانت ستشرق شمس الصباح عليه أم لا.

لكن من الجانب الإلهي نرى إله كل نعمة الذي أحب يعقوب وترفَّق به. فنقرأ أنه «وجدَهُ في أرضِ قفرٍ، وفي خلاءٍ مستوحشٍ خَرِب. أحاطَ بهِ ولاحظه وصانَهُ كحدقة عينِهِ». لقد وجده إذ كان تائهًا وهائمًا على وجهه. ووجده كمَن وجد كنزًا ثمينًا يعتَّز به. فإن «يعقوب حَبْل نصيبه» ( تث 32: 9 ، 10). لقد أحب يعقوب بالنعمة المُطلَقة، وكان عنده مقاصد صالحة من جهته.

وبينما كان يعقوب نائمًا في هذا الوضع، لا يملك شيئًا، لا يستحق شيئًا، ولا يستطيع أن يعمل شيئًا، فالنائم كأنه في وضع الموت والعجز الكامل، مسلوب الإرادة والتفكير الواعي، هناك تقابل الرب معه بنعمة سامية. وعندما يصل الإنسان إلى نهاية ذاته، وإلى هذه القناعة أنه ميت بالذنوب والخطايا، فإن الله يعمل من نفسه بنفسه، مُتخذًا من هذه الحالة مجالاً لاستعراض محبته وصلاحه وغناه في النعمة.

وفي الوقت الذي فيه لم يُفكِّر يعقوب في الله من قريبٍ أو بعيد، كان الله يُفكِّر في يعقوب أفكار صلاح وسلام ونعمة. وانطبقت عليه الكلمات «أصغيتُ إلى الذين لم يسألوا. وُجِدتُ من الذين لم يطلبوني» ( إش 65: 1 ). لقد تقابل الرب معه لأول مرة عندما ظهر له في ذلك الحُلم الجميل. وكان غرض الحُلم هو التشجيع لهذا الإنسان العاثر الخائر الحائر. لقد رأى في الحُلم جيشين من الملائكة، جيشًا صاعدًا وجيشًا نازلاً على السُلَّم. ورأى الرب نفسه على رأس السُلَّم يتكلَّم معه ويعطيه أغلى المواعيد. لقد كان يعقوب موضوع عناية السماء وخدمة الملائكة والمواعيد الثمينة. والعجيب أننا لا نقرأ عن إبراهيم أو إسحاق أنهما رأيا ملائكة الله بهذا الشكل، ويا للنعمة التي اتجهت ليعقوب!

ولكن نعمة الله لا تلغي حكومته البارة. فكان عليه أن يواجه قسوة الحياة وخشونتها بعيدًا عن البيت حصادًا لِما فعل.

محب نصيف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net