الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 10 يونيو 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الحزن بحسب مشيئة الله
وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ مُنْفَلِتُونَ ... كُلُّهُمْ يَهْدِرُونَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى إِثْمِهِ ( حزقيال 7: 16 )
إنَّنا أمام لحن يُعبِّر عن حالة حزن الشعب من جرَّاء ما فيهم من ألم وضيق، إنهم «يهدرون كل واحدٍ على إثمهِ». ولأول وهلَة قد نجد في حزنهم هذا شيئًا إيجابيًا، أَ ليس المطلوب مِمَّن يُخطئ، وينجرف وراء إثمه، أن تكون أولى خطواته الصحيحة هو أن يحزن على إثمه؟

ولكي نُجيب عن هذا السؤال علينا أن نعرف أولاً أي نوع من الحزن كان عليه الشعب هنا. فحزن الشعب يُمكننا أن نُسميه حزن بلا رغبة حقيقية في رفض الإثم والشر. إنهم يتأسفون على ما بدر منهم من إثم، ليس لأنهم أبغضوا الإثم، بل لأنهم تألموا من العقاب الذي نتج بسببه! صحيح كل واحد يهدر على إثمه، ولكن هل كانت هناك توبة حقيقية؟ هل كانت هناك نية صادقة لحياة أكثر نقاءً وطهارة؟ الإجابة بكل أسف: لا، لم يكن الشعب مُهيَّئًا لرفض الإثم والرجوع إلى الرب، من أجل ذلك رغم هديرهم على إثمهم، نجد الرب بدلاً من أن يرفع عنهم يده التأديبية، يستمر في عمله القضائي عليهم، وهذا ما نجده واضحًا في باقي كلمات هذا الأصحاح ( حز 7: 23 -27).

وحزن يهوذا الإسخريوطي يمكننا أن نُسميه حزن يقود إلى الفشل واليأس، نعم لقد نَدِم وأقر بخطئه، ولكن إلى أي شيء قاده هذا الحزن؟ قاده إلى الانتحار! وكأنَّ لسان حاله ما قاله قايين للرب: «ذنبي أعظم من أن يُحتَمَل» ( تك 4: 13 ). لقد استكثر إثمه على رحمة الرب، وما كان يُدرك فاعلية تأثير دمه الكريم الذي يطهِّر من كل خطية ( 1يو 1: 7 ).

أما حزن بطرس فيختلف تمامًا عن هذا، فهو حزن مقدَّس، يُنشئ توبة ورجوعًا صادقًا للرب. لقد بكى بطرس بكاءً مرًا، لكن لم يظل كالشعب في حالة البُعد عن الرب، بل نجده في مشهد آخر يلقي بنفسه في الماء ليكون أول مَن يلتقي بالرب ( يو 21: 7 )، وكأن لسان حاله: أنا أكثر التلاميذ خطأً، فأنا أحوجهم للرب! ولقد حزن بطرس كثيرًا، لكنه أبدًا لم يذهب كيهوذا ليشنق نفسه. نعم، ما أقدس هذا الحزن، والذي اجتاز في نظيره الأخ الذي كتب عنه الرسول بولس (راجع 1كو5: 1-5 مع 2كو2: 5-8)!

تُهدئُ موجَ البُحورْ وتمنَحُ لَنا السَّلامْ
وتَغفِرُ ديْنَ الشُّرورْ وتستُرُ كلَّ الآثامْ
أنتَ للقلبِ سُرورْ أنتَ للنفْسِ شِفاءْ
والزَّمانُ إذْ يَدورْ أنتَ تضمَنُ السَّماءْ

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net