الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 20 يوليو 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
تعلَّموا مني
تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ القَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ ( متى 11: 29 )
الله هو الذي يرفع المتضع، ويضع المرتفع. ولقد قال المسيح في أكثر من مناسبة: «من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع» ( لو 14: 11 ؛ 18: 14). وهي عبارة تلخِّص قصتين مُتباينتين: الأولى قصة آدم الأول، الذي تكبَّر وعصى حتى الموت، وتبعه كل الجنس البشري المتكبِّر العاصي؛ والأخرى هي قصة الرب يسوع المسيح، الذي في محبته أخلى نفسه ليصير إنسانًا، وكإنسان أطاع إلى آخر المدى، ووضع نفسه إلى حد ليس بعده اتضاع: “حتى الموت، موت الصليب”.

كانت تجربة أبوينا الأولين أن يتعلَّقا بشيء أعلى منهما بكثير - أن يكونا مثل الله، كما يشهد سفر التكوين (3: 5). هذه المكانة لم تكن لهما، وتعلُّقهما بها، ومحاولتهما الإمساك بها كانت اختلاسًا. في مفارقة صارخة مع هذا كان الوضع بالنسبة للرب يسوع، فبالنسبة له لم تكن مُساواته للآب شيئًا يتطلع للوصول إليه، بل كانت له، وهي البداية التي بدأ منها، إذ هو الله نفسه. وحيث لم تكن هناك مكانة أسمى من هذا، فقد كان أمامه إما أن يبقى كما هو وحيث هو، أو أن “يضع نفسه”.

ومن الأهمية بمكان أن ندرك أن المسيح عندما أخذ صورة العبد لم يكن ذلك مكان صورة الله، فهو لم يتخلَّ قط عن أمجاد اللاهوت، ولو أنه أخفاها حينًا في حجاب الناسوت. لقد صار ما لم يَكُنه (إنسانًا)، دون أن يكُّف عن أن يكون ما هو عليه، فهو واحد مع الآب والروح القدس من الأزل وإلى الأبد. وعبارة “صائرًا في شبه الناس”، وليس ”في شبه إنسان“، تفيد أنه لم يكن “سوبرمان”، بل قَبِل أن يصير إنسانًا عاديًا.

يا للنعمة، ويا للاتضاع! من السماء إلى الأرض، ومن المجد إلى الهوان، ومن صورة الله إلى صورة العبد، ومن الحياة إلى موت الصليب!

لقد كانت خطوات ذلك الطريق العجيب هي: هيئة الإنسان، ووضع العبد، وموت العار كمُذنب. لذلك فإن الله في برِّه، رفَّعه فوق السماوات، وأعطاه اسمًا فوق كل اسم. إنه بذلك الاسم المجيد الحلو “يسوع”، الذي أخذه لكي يطيع ويخدم ويتألم ويموت، سوف يعُتَرف به كرَّب.

لقد حنى سيدنا ركبتيه عندما أتى ليَخدِم، والله قرَّر أن كل رُكبة ستنحني جاثية له. وهو درس هام لنا. عندما نتضع ونتبع مثال ذلك الوديع والمتواضع القلب، فإن الرب يعرف كيف يرفعنا ويكرمنا.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net