الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 14 أغسطس 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أمَا يهُمُّك أننا نهلك؟
وَكَانَ هُوَ فِي الْمُؤَخَّرِ عَلَى وِسَادَةٍ نَائِمًا. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟ ( مرقس 4: 38 )
كم من التعاليم في هذا المشهد اللذيذ! فهوذا التلاميذ المساكين الضعفاء قد بلغوا نهايتهم وأدركتهم الحيرة، وها هم قد عانوا الأمرَّين؛ سفينة ملآنة، وعاصفة ثائرة، وسَيِّد نائم! وما العمل؟ حقًا إنها كانت ساعة امتحان صحيح. وإذا تأملنا في أنفسنا لا نستغرب خوفهم ولا نندهش لاضطرابهم لأننا لو كنا مكانهم لَمَا كنا تصرَّفنا أحسن منهم.

ومتى تأملنا في عدم الإيمان بذهن رائق وقريحة هادئة لا نجد شيئًا مُظلمًا نظيره ومُنافيًا للعقل وسخيفًا مثله. وهذه السخافة ظاهرة لكل ذي عينين في المشهد الماثل أمامنا. لأنه أي عقل أسخف من العقل الذي يظن أن السفينة ستغرق وابن الله فيها! لا ننكر أنهم فكَّروا فقط في العاصفة والأمواج والمياه الآخذة في ملء السفينة فحكموا حسب رأي الإنسان، وظنوا أنه لا خلاص ولا منَاص، فاستسلموا لليأس واستولى عليهم القنوط، وهذه هي مباحثات القلب العديم الإيمان.

لا شك أنهم لم يفكِّروا وقتئذٍ في قدرة الرب، وكان هذا عِلَّة الخوف. فعدم الإيمان لا ينظر إلا إلى الظروف ويغض الطرف عن الله. أما الإيمان فعلى الضد من هذا، ينظر إلى الله ويضرب صفحًا عن الظروف. الإيمان لا يُسرّ إلا بنهاية الإنسان لأن ذلك يُفضي إلى بداية الله، فيكتفي به، ويجد لذته في أن يراه تعالى هو العامل وحده، وأن يخلو له الجو ويُفسح له المجال ليمثل دوره ويُعلن مجده، وهو يوَّد أن نُكثر من الأواني الفارغة لكي يملأها هو، هذا هو الإيمان. ولنا أن نقول بكل تأكيد إن هذا الإيمان كان في استطاعته أن يجعل التلاميذ ينامون بجانب سَيِّدهم وسط الزوابع، أما عدم الإيمان فقد ألقى القلق في قلوبهم فحُرِموا من الراحة، وبسبب مخاوف عدم إيمانهم أيقظوا الرب المُبارك من نومه الذي كان نتيجة التعب الناشئ من الكَدح المتصل والخدمة المستمرة، فقد انتهز فرصة اجتياز السفينة البحر لينام هنيهة ليستريح. لقد اختبر ما هو التعب، ولذا يتنازل إلى كل ظروفنا. وقد تعرَّف بحاسياتنا إذ قد تجرَّب في كل شيء مثلنا ما عدا الخطية، فقد وُجِدَ هنا كإنسان من كل وجه، وكإنسان نام على وسادة، وقد هزته أمواج البحر فكانت العاصفة تضرب إلى السفينة والأمواج تلاطمها مع أن الذي كان على ظهرها هو الخالق في صورة العامل الخادم التاعب النائم.

فحينما الجوُّ يَغيمْ نُعماهُ لي ربِّي يُديمْ
وفي اشتدادِ العاصِفهْ مِرساةُ نفسي ثابتَهْ
مسيحي صخري لا يُزالْ وغيرُهُ الكُلُّ رِمالْ

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net