الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 24 سبتمبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
لامك وأولاده
وَاتَّخَذَ لاَمَكُ لِنَفْسِهِ امْرَأَتَيْنِ: اسْمُ الْوَاحِدَةِ عَادَةُ، وَاسْمُ الأُخْرَى صِلَّةُ ( تكوين 4: 19 )
كان عصر ما قبل الطوفان عصر شر وفساد فائقين، إذ كثرت الخطية، ولكن لم يكن ثَمة تعدٍ حيث لم يكن ثَمة ناموس ليُكْسَر. وليس ذلك فقط، بل لم تكن بعد ثَمة سُلطة إلهية مُرتبة على الأرض، حيث لم يكن هناك أحدٌ مُخوَّلاً بحمل سيف العدالة، مُمثِّلاً لله أمام رفقائه من الجنس البشري. ولكن ذلك ترتب وتثبَّت بعد الطوفان ( تك 9: 1 -6). في ذلك العصر الغابر كان كل إنسان ناموسًا لنفسه. وبلغ الأمر ذروته في حالة لامك الذي كسر ترتيب الله الذي من البدء بخصوص الزواج، حيث كان رجل واحد يتحد بامرأة واحدة. ويبدو أنه كان أول مَن كسر هذه القاعدة وارتبط بأكثر من زوجة. لم يكن يعبأ بترتيب الله. حقيقي أنه ارتبط بزوجتين فقط، لكن لامك كان هو الذي فتح بوابات طوفان ذلك الشر! وكان أول مَنْ ارتاد سبيل هذا الشر البغيض على الأرض. هذه هي شهوة الجسد.

وقد أدَّت شهوة الجسد إلى شهوة العيون. فأحد أبنائه أضحى رائد التجارة «كان أبًا لساكني الخيام ورعاة المواشي»، حيث سكن مع ذريته في خيام بدوية، تجول الأرض مع قطعانها، وتتردَّد مع حيواناتها دونما استقرار لفلاحة الأرض، فكوَّنوا نواة التجارة والنقل.

ابن آخر صار رائد الفنون والعلوم، إذ «كان أبًا لكلِّ ضاربٍ بالعود والمزمار»؛ أي أول مَن أبدَع الجانب الذهني والذوق الجمالي في الحياة. وصار الابن الثالث رائد الصناعة والاختراعات؛ «الضارب كل آلة من نحاس وحديد»، ومن ذُريَّته خرج صُنَّاع آلات النحاس والحديد.

ثم يُسجل الوحي اسم أُخت لهم “نعمة”. ومعنى اسمها على ما يبدو “مسرَّة” أو “جمال”، وهي اسم على مُسمَّى، فقد مثَّلت جانب المُتعة في الحياة، وصارت رائدة في هذا المضمار؛ مضمار المسرَّات العالمية.

ولنذكر أن “شهوة العيون” ليست قصرًا على ما نراه بعيون رؤوسنا، بل بعيون عقولنا. وهي تنسحب على كل مسعى روح الإنسان الدؤوب، ومحاولاته اللاهثة للبحث والمعرفة، والتي توصم الإنسان المُتجنب عن مصدر المعرفة الحق، الله. واليوم فإن الإنسان محموم بالاندفاع وراء اكتشاف عوالم جديدة وأفكار حديثة في مجال المعرفة، ولكنهم “دائمًا يتعلَّمون، ولا يُقبلون إلى معرفة الحق أبدًا”.

وهكذا نرى في لامك وعائلته ما يُشبه جدولاً صغيرًا تنامى وفاض حتى أصبح اليوم نهرًا جارفًا.

ف. ب. هول
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net