الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 31 أغسطس 2002 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
دور الآلام في الشركة
كما يشتاق الإيّل إلى جداول المياه. هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله. عطشت نفسي إلى الله إلى الإله الحي. متى أجيء وأتراءى قدام الله ( مز 42: 1 ،2)
على مرّ العصور كان للألم دور عظيم في حياة أولاد الله لتعميق شركتهم مع الله. فكم من مؤمنين عاشوا مكتفين بمستويات ضحلة للغاية من الشركة، وكانت مسرات العالم أو مشاغل وهموم الحياة تستحوذ على كل تفكيرهم، وكان الذهاب للاجتماعات الروحية أو رحلة مع المؤمنين أو حضور مؤتمر أو قراءة أصحاح من كلمة الله هي كل مظاهر شركتهم مع الله. إلى أن سمح الرب المُحب الحكيم بقسط محسوب من الآلام، فكان بمثابة الشوكة التي وخزتهم فأيقظتهم من سُباتهم صارخين، ليلقوا بأنفسهم في حضنه، وبعد أن نعموا بدفء هذا الحضن العظيم لم يستطيعوا الحياة بعيداً عنه شبراً واحداً، سواء كانت هناك آلام تدفعهم إليه أو لا توجد. لقد كانت الآلام كالمثقب الذي ثقب قلوبهم فأفرغ منها كل ما فيها من محبة للعالم، وتركها فارغة تصرخ بحثاً عن إلهها ليضمد الجرح، ويملأ الفراغ. وبعد أن استشعروا روعة هذا الامتلاء، لم يضحّوا به إطلاقاً مهما كان الإغراء. أو كان الألم كالحفار الذي حفر نفوسهم جباباً جباباً، مُعداً مكاناً لسيل المياه القادمة، والتي أتت من قبل مراراً ولكنها مع الأسف عادت إذ لم تجد لها مكان استقرار. أما الآن فهي لن تستقر فقط بل إنها ستجري من بطونهم أنهاراً غزار!

والأمثلة في كلمة الله لمثل هذه الحالة كثيرة، لكني أسوق لك مثلاً واحداً من مزمور42، وهو من مزامير الشركة الشهيرة. في هذا المزمور نجد أن الشركة مع الله بالنسبة لكاتبه كانت لا تزيد عن كونها زيارات سنوية في الأعياد لبيت الله، حيث الفرح والاستمتاع بالترنيم والشركة مع شعب الله، وقد عبَّر عن هذا بقوله "كنت أمرّ مع الجمّاع، أتدرج معهم إلى بيت الله بصوت ترنم وحمد جمهور معيّد" (ع4). واستمر الوضع هكذا إلى أن سمح له الرب بالإلتحاق بمدرسة الألم، إذ قد طُرد من أرضه وعانى في السبي من تعييرات المضايقين كل يوم، حتى انسحقت عظامه وانحنت نفسه، وعندئذ حدث التحول العجيب، إذ نراه يشتاق لا إلى شعب الله وترانيمه، ولا إلى بيت الله وأعياده، بل ويا للروعة، إنه يشتاق بل يعطش إلى الله نفسه فنسمعه يقول: "كما يشتاق الإيّل إلى جداول المياه هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله، عطشت نفسي إلى الله إلى الإله الحي. متى أجيء وأتراءى قدام الله (ع1،2).

ماهر صموئيل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net