الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 18 فبراير 2003 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الله ملك الدهور
ولئلا ارتفع بفرط الإعلانات أُعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا أرتفع. من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني ( 2كو 12: 7 ،8)
كما أن المؤمن يفهم جيداً أن ملك الدهور هو صاحب السلطان على الخير والشر، يفهم هذا إن أتاه الخير أو إن أصابه الشر، وهذا لا يعني أن الله يصنع بلوى المؤمنين بيديه، حاشا، لكن بما أن الله هو ملك الدهور فهو المسئول الأول في نظر الإيمان.

هذا ما حدث مع الرسول بولس، فلقد أصابته تجربة مُرَّة يقول عنها "أُعطيت شوكة في الجسد". ولقد فهم جيداً أين صُنعت هذه البلوى، إنها صناعة شيطانية، إذ يقول عنها "ملاك الشيطان ليلطمني". لكن العجيب أنه لم يتعامل مع الشيطان من جهتها، على الرغم من كونه رسولاً صاحب سلطان كان يخرج الشياطين بل وله السلطان أن يسلِّم مؤمناً للشيطان. لكنه في بلواه تعامل مع ملك الدهور، لأنه كان يعلم أن الشوكة هي بسماح منه، وأنه هو صاحب السلطان، ولو كان لا يريد هذا ما كانت قد وصلت إليه أبداً، ولأن جواز مرورها يحمل توقيع الرب، لذلك يقول "تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني" ( 2كو 12: 7 -11)، لكن الرب كشف له لماذا وقّع على جواز مرورها، كشف له عن الخير الكثير الذي سيجلبه له من وراءها، إن البلوى ستحفظه من الارتفاع، كما أنها ستكون وسيلة الحصول على مزيد من النعمة التي ستكفيه.

يا ليت قلوبنا تهدأ، ويا ليت نفوسنا تستريح، فإلهنا هو ملك الدهور، هو صانع الأحداث. الخير صناعته والشر بإذن منه. فالشر، قبل أن يصيبنا، قد مَثَل صاغراً أمامه، لكي يحصل على جواز المرور منه إلينا، وعليه فليكن مصدر الشر كيفما يكون، إنساناً أو شيطاناً، فطالما أنه مرّ على إلهنا قبل وصوله لنا فهو يأتينا من عند الرب. ودعونا نتذكر أنه لم يأتِ لنا كما هو، بل بعد أن أجرى إلهنا كل التعديلات اللازمة فيه، لكي لا يفعل بنا، بعد وصوله لنا، سوى ما حددته مشيئة الله الصالحة من نحونا، وفي النهاية سيُفاجأ صانع الشر، أنه، وعلى الرغم من كل شره، لم يفعل بنا سوى الخير لنا. فسلطان ملك الدهور، وصلاحه المُطلق من نحونا، يعملان دائماً لحسابنا، فيجعلاننا نقول مع يوسف "أنتم قصدتم لي شراً والله قصد به خيراً". لكن كل هذا لا يراه سوى الإيمان، فالعيان العقيم القاصر لا يرى أي خير في الشر الذي يصيبنا، لأنه لا يرى مَنْ لا يُرى.

ماهر صموئيل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net