الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 11 مارس 2004 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
المعمدان، وطريق العظمة الحقيقية
قال: أنا صوت صارخ في البرية، قوّموا طريق الرب ( يو 1: 23 )
يا لها من شخصية نبيلة. يا لها من قوة سامية جداً. لو أنه كان رجلاً ضعيفاً لترك نفسه فوق تيار الحماس المندفع وسمح له أن يجرفه. يا له من مزيج بين القوة والتواضع. لما أوحى إليه الناس بأنه هو المسيح أصرّ بأنه لم يكن سوى مجرد صوت، صوت السفير الذي لا يكاد الناس يلاحظونه لأنهم شخصوا بعيونهم إلى الناحية التي أتى منها ليشاهدوا الملك نفسه، وعندما امتدحوه بسبب تعليمه، قال لهم إن الذي يفرز الحنطة من التبن سوف يأتي. وعندما ازدحموا حول معموديته كرر القول مراراً أنها إنما هي معمودية الماء، أما المسيح فسوف يعمد بالروح القدس ونار.

وماذا كانت النتيجة؟ "يا معلم هوذا الذي كان معك في بحر الأردن الذي أنت قد شهدت له، هو يعمد والجميع يأتون إليه" ( يو 3: 26 ).

وكأنهم قد قالوا له: يا معلم أليس هذا خطأً جسيماً؟ انظر كيف كوفئت شهادتك الكريمة! لقد كنت مُسرفاً في يوم مجدك أكثر من اللازم في اعترافاتك، ومُفرطاً في شهادتك. هوذا ذلك المعلم الجديد قد بدأ يحل محلك، فإنه هو أيضاً يعلم ويعمِّد ويجمع حوله جماعة التلاميذ.

لكن ذلك القلب الممتلئ محبة لم يكن قابلاً أن تشتعل فيه شرارة الغيرة والحسد. لقد قال الرب إنه لم يكن بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا. ولقد بيَّنت هذه الكلمات عظمته عندما دوى صوته في فلسطين كبوق، فجذب إليه الجماهير الكثيرة. وبدا عظيماً عندما تجاسر على أن يُخبر هيرودس بأنه لا يحل له أن تكون له زوجة أخيه، ناطقاً بكلمات ذُهلت منها جدران قصره نفسها.

وبدا عظيماً عندما عمَّد ذلك الذي كان العالم ينتظره والذي "تعيَّن ابن الله بقوة" ( رو 1: 4 ). لكنه بدا أكثر عظمة عندما رفض أن يشترك في تلك المناقشات السخيفة، وقال بكل بساطة "لا يقدر إنسان أن يأخذ شيئاً إن لم يكن قد أُعطي من السماء" ( يو 3: 27 )، "ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص" ( يو 3: 30 )

ها عرشُ قلبي وملءُ حبي

وكلُ عمري وطاعتي


ليس كلاماً ولا انفعالاً

بالصدقِ آتي بجملتي


ف.ب. ماير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net