الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 22 مايو 2004 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ذبائح الحمد من جوف الهاوية!!
فصلى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت، وقال: .. صرخت من جوف الهاوية فسمعت صوتي ... أما أنا فبصوت الحمد أذبح لك ( يون 2: 1 -9)
أ يمكن أن يهرب الإنسان من وجه الله؟ وإلى أين يهرب؟! .. لكن نبي الله هرب فوجد نفسه داخل أحشاء حوت. وكانت هذه الأحشاء له بمثابة المرتبة والوسادة والغطاء .. غرفة نوم مُخيفة!! .. تيار الهواء الذي كان يعبر هذه الغرفة كان يحمل معه الناتج من الغازات الكريهة المتفاعلة داخل أحشاء هذا الحوت! .. غرفة نوم كانت أقرب إلى استقبال الموتى منها لاستقبال الأحياء. وهذا الحوت الذي يرقد بداخله يونان، تابوت الموت هذا، كان مدفوناً في قلب البحر في الأعماق. لكن كيف تتكون اللآلئ؟! في أعماق البحار بعيدة عن أعين الإنسان، لكنها تحت رقابة أعين هذا الذي لا ينعس ولا ينام!

والسؤال الصعب: أ يمكن لإنسان ما أن يرفع صوته بالحمد من داخل هذه المقبرة المهولة! نعم ممكن. وقد استطاع يونان ويستطيع كل مؤمن. كيف؟! هو الله.. وهذه هي نعمته الغنية التي لا نهاية لها، ولا سبيل لإدراك حدودها!! تلك النعمة التي جعلت من الأيام الثلاثة التي قضاها يونان داخل الحوت ـ جعلت منها أهم وأدسم أيام حياته كلها!! .. فمن داخل مقبرة الأهوال نراه وقد بدا يستيقظ روحياً!! وهو راقد يتقلب على مرتبة من الأمعاء، نرى النبي كأنه قد بدأ لتوه يتعلم كيف يصلي ويصرخ للرب إلهه. حينما كان طليقاً في الهواء الطلق النظيف على سطح السفينة، رفض أن يصلي أو يصرخ للرب إلهه! أما الآن فنراه يصلي وترتفع صلاته وتدخل حتى مقادس الله!! .. صلاته صارت حلقة ربطت بين جوف الهاوية وهيكل قدس الله!!

نعم! قد نُبتلع في جوف الحوت حينما نهرب من الله. قد نُطرح في العُمق في قلب البحار. قد تجتاز فوقنا تيارات ولجج. قد تكتنفنا مياه إلى النفس. قد ننزل إلى أسفل الجبال فيبدو لنا أن مغاليق الأرض قد انطبقت علينا وإلى الأبد ..!! لكن أيسكت الرب أو يصم أذنيه عن سماع مختاريه الصارخين إليه نهاراً وليلاً؟!

أما النبي الهارب فيُمسك بالقيثارة في نهاية الأصحاح ويرفع صوته بالغناء ويشدو قائلاً: "أما أنا فبصوت الحمد أذبح لك". والقيثارة تشدو، ونغمة اللحن تعلو. ورائحة بخور طيبة تتصاعد وتتصاعد!! إنها رائحة بخور ذبائح الحمد وقد صعدت من جوف الهاوية!!

جيمس اسحق
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net