لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون منه! ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدي إلى الحياة وقليلون هم الذين يجدونه ( مت 7: 13 ، 14)
إن المُباينات في هذين العددين لم تنتهِ عند اختلاف البابين أو الطريقين، بل إن الفريقين اللذين ارتادوا هذين الطريقين هما أيضًا في مُباينة. فالطريق الرحب يرتاده جمهور كبير عكس الطريق الضيق الكرب. والذهن الجسدي يُسعده السير مع الجمهور. لكن الرب أوضح لنا خطورة هذا الأمر «لا تتبع الكثيرين إلى فعل الشر» ( خر 23: 2 ). وقال الرسول بولس «أ فأستعطف الآن الناس أم الله؟ أم أطلب أن أرضي الناس؟ فلو كنت بعد أرضي الناس لم أكن عبدًا للمسيح» ( غل 1: 10 ).
لكننا نعرف ـ عزيزي القارئ ـ أن العبرة ليست بالبداية بل بالنهاية. فترى إلى أين ينتهي المسار بكل من هذين الفريقين؟
الطريق الأول: طريق العالم يؤدي إلى الهلاك، وهو ما يذكره الكتاب بأسلوب لا لَبس فيه ولا مداورة ( 1كو 6: 9 ، 10؛ غل5: 19- 21؛ أف5: 5؛ في3: 18، 19). وآه، ما أرهب تلك النهاية.
وكلمة «الهلاك» بالإضافة إلى أنها كلمة مُرعبة، فإنها كلمة أسيفة؛ أسيفة لأن الله هو الخالق الرحيم الذي يُحيي الكل، وليس المُهلك، وأسيفة لأن الإنسان خُلق ليحيا لا ليموت!
والطريق الآخر يؤدي إلى الحياة. فمع أننا نتمتع من الآن بالحياة الأبدية، إلا أننا سندخل عن قريب لملء التمتع بها في الأبدية السعيدة. إن طريق المسيح الضيق يفضي إلى المدينة السماوية التي لا تحتاج إلى شمس ولا إلى القمر ليضيئا فيها، لأن مجد الله قد أنارها والخروف سراجها!
في البداية نجد البابين إلى جوار بعضهما، لكن طريقًا من الطريقين ذهب صاعدًا إلى أعلى، مع ما في الصعود من مشقة وعناء. والطريق الآخر انحدر هابطًا، وما أسهل الانحدار والهبوط. إن الإنسان لا يحتاج إلى بذل الكثير من الجهد لينحدر، فالجاذبية تساعد على ذلك، ويكفي أن يترك الواحد نفسه فينحدر، لكنه انحدار إلى هاوية بلا قرار. وأخيرًأ تجد النهايتين، وبينهما ـ كما قال أبونا إبراهيم ـ هوة عظيمة قد أُثبتت.
عزيزي .. تفكَّر في اللصين اللذين صُلبا مع ربنا يسوع المسيح. أما كانا في البداية على أرضية مشتركة؟ لكن ما أبعد أحدهما عن الآخر اليوم، وإلى أبد الآبدين.