الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 4 نوفمبر 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
اللقاء العجيب
فإذ كان يسوع قد تعب من السفر، جلس هكذا على البئر... فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماءً، فقال لها يسوع: أعطيني لأشرب ( يو 4: 6 ، 7)
يا لروعة الطريقة التي اتبعها الرب مع المرأة السامرية النجسة، المذكورة قصتها في يوحنا4، لكي يحصل له على منزل في قلبها! ولما كانت مأموريته التي جاء لأجلها، هي أن يطلب ويخلِّص، فهذا المشهد يُرينا إياه قائمًا بالأمرين: طالبًا ومخلصًا.

كانت هذه المرأة من بنات الطبيعة الخربة الفاسدة، ولم يعرف قلبها أو ينشغل ضميرها بأي شيء آخر سوى الملذات الاعتيادية ومسرات الزمان الحاضر اليومية، فيبتدئ الرب باكتساب ثقتها، وهذا يعمله بمهارة المحبة، فيطلب منها أن تعمل معه معروفًا، فحصل على الثقة التي كان يطلبها وجعلها تشعر بالراحة والطمأنينة في حضرته.

بعد ذلك نراه يستخدم هذه الثقة التي اكتسبها لفائدتها الشخصية، فيثير فيها غريزة حب الاستطلاع مستعملاً في حديثه معها كلامًا يُشعرها بأن الذي أمامها ليس إنسانًا عاديًا، ففي الحال تبتدئ تخاطبه بكلمة: «يا سيد» دليلاً على أن ضميرها قد مُسّ وأن الموقف قد صار خطيرًا. وإذ قد اكتسب بهذه الكيفية ثقتها فيه، ثم انتباهها إليه كشخص غير اعتيادي، ابتدأ يعالج أمرها بحكمته الفائقة مُظهرًا لها حالتها الحاضرة بكل دقة وأمانة، فهو أولاً يمس ضميرها، وبعد بُرهة وجيزة يجعل هذا الضمير يعلن لها ذاته فتقع في اضطراب وحيرة.

وبهذه الكيفية اكتسب الرب ثقتها ثم انتباهها، وبعد ذلك ضميرها. ليس ذلك فقط، بل هناك ما هو أكثر منه، إنها تحاول عبثًا أن تخبئ نفسها كما فعل آدم قديمًا، فتأتي بسؤال عن العبادة لعله يقوم من حالتها مقام أشجار الجنة من حالة آدم، ولكن الرب يتبعها إلى مخبئها، ويُجيب على سؤالها بصورة جعلت انتباهها يتوجه إليه أكثر، كما وتزداد دهشتها إلى حد أنها كادت ترى فيه المسيا المُنتظر.

وهنا يميط اللثام عن نفسه ويُعلن لها ذاته. فترى فيه راحة لضميرها المضطرب، وسلامًا لقلبها الخائف، وانتشالاً لها من تلك الحالة المروعة التي وقعت فيها عندما أُعلنت لها ذاتها قبل ذلك بقليل .. وبعد ذلك تتركه، ويعود التلاميذ فيعلمون منه أنه لم يَعُد بعد في حاجة إلى طعامهم. إنه قد أطلق أسيرًا وأفعم بالسعادة قلبًا بائسًا وكسيرًا، وهذا كان طعامه وشرابه وراحته .. فيا لروعة نعمتك يا سيدي!!

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net