الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 6 فبراير 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
العبد العبراني وإعلان المحبة
إن قال العبد: أحب سيدي وامرأتي وأولادي، لا أخرج حُرًا، يقدمه سيده إلى الله، ... ويثقب سيده أُذنه بالمثقب، فيخدمه إلى الأبد ( خر 21: 5 ، 6)
«أحب سيدي ... لا أخرُج حرًا». إن الأجير ينتظر، بل ويفرح بانتهاء يومه. فبالتأكيد كان لأي عبد أن ينتظر، وبشوق، انتهاء سني خدمته، ليتذوق طعم الحرية من جديد. لكننا الآن أمام شخص يتفرَّد في كل شيء. فلقد أعلن أن سني خدمته كانت مُحببة جدًا إلى قلبه، وبمرور أيامها كان يتعلق قلبه بسيده أكثر وتزداد محبته له إلى أن وصلت إلى قمتها عندما حانت لحظة الإبراء. ولأن الشريعة لم تُعطِ للسيد حق الاختيار بين إطلاق العبد أو إبقائه، بل كان الاختيار الأوحد للعبد؛ لذا فالكل كان ينتظر قراره الشخصي .. وإذ به يعلنها مدوية «أحب سيدي».

إن محبة المسيح لأبيه كانت الطابع والمحرّك لكل حياته. وقد أظهرها في خضوعه وطاعته وحرصه الشديد على إتمام وصايا الآب، بل وكل المكتوب عنه بكل دقة. لقد فعل كل هذا ليس بدافع الخوف، ولا تنفيذًا لأوامر صادرة من السيد لعبده، ولا لأن الواجب يحتم عليه هذا، ولا انتظارًا لأجرة يأخذها أو مكافأة ينالها في نهاية خدمته، بل فعل كل هذا بدافع المحبة، وهذا ما أعلنه لتلاميذه وللعالم أجمع «ليفهم العالم أني أحب الآب، وكما أوصاني الآب هكذا أفعل» ( يو 14: 31 ).

«أحب ... امرأتي وأولادي»: أن يعلن عن محبته لسيده، فهذا ليس عجيبًا، لأن السيد يستحق أن يُحَب. أما أن يُعلن أنه يحب الكنيسة كجسده، والمؤمنين كأفراد، وبذات المحبة؛ فهذا كل العجب!! كيف فاضت هذه المحبة وسَمَت ونزلت للهالكين؟! إننا أمام أمر، أمامه يضيق كل فكر، ويصمت كل لسان. لأن أي كلام يصف حبًا فاق العقول؟ أ نستحق أن يكون لنا في هذه المحبة نصيب؟

ولهذا الأمر صورة جميلة في تقدمة الدقيق (لا2) إذ بعد أن يوقد الكاهن تذكارها على المذبح وقود رائحة سرور للرب، يأتي القول: «والباقي من التقدمة هو لهارون وبنيه (صورة لكل المؤمنين)»، أي لهم نصيب في الشيء الذي يُسر ويُشبع قلب الآب!

ألا نجد هذا في المزمور الذي يكلمنا عن تقدمة الدقيق (مز16) والذي لا ينطبق إلا على العبد الكامل الذي يقول «قلت للرب: أنت سيدي خيري لا شيء غيرك»، وعن المؤمنين: «القديسون الذين في الأرض والأفاضل كل مسرتي بهم». ويا لروعة نعمتك يا سيدي!!

معين بشير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net