الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 11 مايو 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
راحاب وعمل الإيمان
كذلك راحاب الزانية أيضًا، أما تبررت بالأعمال، إذ قبلت الرسل وأخرجتهم في طريق آخر؟ ( يع 2: 25 )
لقد تحدَّث الرسول يعقوب عن الإيمان وحده ( يع 2: 24 )، أي الإيمان الذي لا يصاحبه عمل الإيمان، وقال عنه إنه ميت في ذاته ( يع 2: 17 ). وعندما تحدَّث يعقوب عن الذين تبرروا بالأعمال، ذكر لنا مثالين هما إبراهيم وراحاب. قال يعقوب إن راحاب تبررت بالأعمال إذ قبلت الرسل. وقبلها قيل عن إبراهيم في عبرانيين13 إنه أضاف ملائكة. وكلمة "ملائكة" تعني بحسب اللغة العبرية: رسلاً. وهكذا نجد تشابهًا بين إبراهيم وراحاب.

ومن اللافت أن العمل الذي ذكره الرسول لكل من إبراهيم وراحاب، لم يكن بحسب موازين البشر عملاً ممدوحًا، بل هو «عمل الإيمان»، وكان بما يتوافق مع إعلان الله الذي وصل إلى كل منهما. أجلْ، فهل ما عمله إبراهيم عندما همَّ بذبح ابنه، يُعتبر في ذاته عملاً يمدحه الناس عليه؟ العكس هو الصحيح، فهو عمل يعاقب عليه القانون البشري عقوبة قاسية، باعتبار مرتكبه قاتلاً من أردأ أنواع القتلة، إذ شرع في قتل ابنه. ومرة ثانية، هل ما عملته راحاب عندما خبأت الجاسوسين في بيتها، ولم تسلمهما لملك البلاد، يُعتبر عملاً صالحًا بمفهوم البشر؟ العكس هو الصحيح، فإن ذلك جريمة يعاقب عليها القانون أيضًا بالإعدام، باعتبار مرتكبه خائنًا لوطنه في زمن الحرب مع العدو. ولذلك فدعنا لا ننسى أن يعقوب لم يَقُل إن التبرير هو بالأعمال الخيرية جنبًا إلى جنب مع الإيمان، ولا هو بأعمال البر التي يقوم به الإنسان، لكنه قال إنه بعمل الإيمان، أي بالإيمان الحقيقي الحي، الذي لا يتوقف عند حد العقيدة أو حد الكلام.

ولذلك فإن راحاب لم تَقُل للجاسوسين: أنا أؤمن بأن الرب هو الله، وأنه أعطاكم الأرض، لكن لا تطلبوا مني شيئًا أكثر من ذلك، لأني في وضع لا يسمح لي بأن أعمل أي شيء. لقد سمعت راحاب أخبارًا عن الله وعن شعبه، وعن قصده من جهتهم، وهي لما سمعت تلك الأخبار صدقتها، من ثم فقد تجاوبت مع ما سمعت، واتخذت قرارًا وموقفًا. لقد قررت أن يكون الرب هو إلهها، وأن يكون شعبه هو شعبها. وبذلك فقد كان إيمان راحاب إيمانًا قلبيًا، كما كان حقيقيًا.

ولذلك، فكم توبخ راحاب جمهورًا لا يُحصى من مجرد المسيحيين المعترفين، ذوي الإدعاء الفارغ. فراحاب لم تكن من هذا النوع. وكانت أعمالها برهانًا على حقيقة إيمانها وحيويته.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net