لكنني لست أخجل، لأنني عالمٌ بمَنْ آمنت، وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم ( 2تي 1: 12 )
مع أن الإيمان فعلاً هام، لكنه ليس هو الأهم. فأهم منه جدًا: بمَنْ تؤمن. فلو أنك آمنت، وأخلصت في إيمانك جدًا، لصنم أو لغير الله الحي الحقيقي، فستجلب ضررًا هائلاً لنفسك لا بركة. ولذا فإننا نهيب بالقارئ العزيز أن يتأكد في البداية من صحة الأساس قبل أن يعلي البنيان. وأن يتأكد من وضع مرساة نفسه على صخر الدهور، لا على الأوهام والظنون من أقوال البشر وآراء الفلاسفة المتغيرة. لهذا كان من المهم جدًا أن نبني إيماننا على الإعلان الإلهي. وفي هذا قال الرسول بولس: «الإيمان بالخبر، والخبر بكلمة الله» ( رو 10: 17 ).
يلي ذلك في الأهمية: كيف تؤمن. فهناك نوع من الإيمان يسميه الوحي إيمان الشياطين «أنت تؤمن أن الله واحد، حسنًا تفعل، والشياطين يؤمنون ويقشعرون» ( يع 2: 19 ). فمن جهة المعرفة، فإن للشياطين معرفة دقيقة عن الله. نتذكَّر قول الشياطين للمسيح: «أنا أعرفك مَن أنت قدوس الله» ( مر 1: 24 ). كما أنهم يعلمون شيئًا صحيحًا عن مستقبلهم المُظلم. نتذكر قول الشياطين أيضًا للمسيح: «أَجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا» ( مت 8: 29 )، ولذلك فإنهم لا يؤمنون فقط، بل إنهم «يؤمنون ويقشعرون». ولكنهم رغم هذا الإيمان وهذا الخوف، فهم شياطين. ويُخبرنا الرسول يعقوب أن هذا النوع من الإيمان قد يكون في بعض البشر أيضًا.
ثم هناك الإيمان الوقتي. قال المسيح عن المزروع على الصخر إنهم «ليس لهم أصل، فيؤمنون إلى حين، وفي وقت التجربة يرتدون» ( لو 8: 13 ). بكلمات أخرى هو الإيمان بدون توبة، لا قيمة له على الإطلاق. لذا ليحذر القارئ من هذا الإيمان أيضًا.
أما الإيمان الذي هو عطية الله، فهو يُشبه توصيلة تربط النفس بالله لتستمد منه كل الاحتياجات كيفما كانت. هل هذا الشخص خاطئ؟ لو تم اتصاله بالله، سيحصل منه على الخلاص. هل هو طفل لا يعلم؟ اتصاله بالله يمتعه بالإعلان الإلهي في كلمته. هل هو ضعيف خائر؟ اتصاله بالله يعطيه الثبات والقوة.