الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 10 أغسطس 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
بلا ولاء أو وفاء
وحدث ... أن نوحًا .. أرسل الغراب، فخرج مترددًا حتى نشفت المياه عن الأرض. ثم أرسل الحمامة.. فلم تجد.. مقرًا لرجلها، فرجعت إليه ( تك 8: 6 - 9)
لقد أرسل نوح مرة الغراب، ومرة الحمامة. وما أبعد الفارق بين تصرف الاثنين. لقد خرج الغراب ولم يَعُد مرة أخرى إلى الفُلك، في حين أن الحمامة ـ في المرتين التي أرسلها فيها نوح ـ رجعت إليه. إن الغراب لا يعرف الانتماء، لا صديق له، فرغم أنه مكث في الفلك مدة كبيرة، ما يقرب من ستة أشهر، ولا شك أنه تمتع بعناية نوح له، فهو الذي كان يُطعمه طوال هذه المدة، إلا أنه عندما خرج من الفلك، ووجد أمامه هذا الكم الهائل من الجيف، لم يُفكر أن يرجع إلى الفلك. فهو من ناحية يفضِّل هذه الجيف عن الطعام الذي كان يقدمه له نوح، ومن الناحية الأخرى لا يشعر بأي انتماء لولي نعمته الذي اهتم واعتنى به!!

ألا يُذكّرنا هذا بكلمات الرب الأسيفة عن شعبه: «الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه، أما إسرائيل فلا يعرف. شعبي لا يفهم» ( إش 1: 3 ). ما أردأ أن تتحجر العواطف متجاهلة يد النعمة الغنية الممدودة بكل ترحاب، لتقدم ما نحتاج إليه؟! يشير الرب عن ذلك بالقول: «لأن شعبي عمل شرين: تركوني أنا ينبوع المياه الحية، لينقروا لأنفسهم آبارًا، أبارًا مشققة لا تضبط ماءً» ( إر 2: 13 ).

أ يمكن أن يصل جحود الإنسان إلى هذه الدرجة؟ أ يمكن أن تنطق الشفاه بمثل هذه الكلمات: «ابعُد عنا، وبمعرفة طرقك لا نُسرّ. مَنْ هو القدير حتى نعبده؟ وماذا ننتفع إن التمسناه؟» ( أي 21: 14 ، 15). هذا بكل أسف ما حدث، ليس فقط من الناس الأردياء، بل حتى من شعبه الذي تمتع بعنايته ورعايته، الذي اختبر يد الله المُنعمة الصالحة، ولكن «سَمِن يشورون ورفس. سمنت وغلظت واكتسيت شحمًا! فرفض الإله الذي عمله، وغبى عن صخرة خلاصه» ( تث 32: 15 ).

ليتنا نأخذ لأنفسنا من ذلك دروسًا نافعة، ويكون لسان حالنا ما قاله بطرس للرب، وكان مُحقًا في قوله: «يا رب، إلى مَنْ نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك» ( يو 6: 68 ). وبذلك تنطبق علينا كلمات الرب: «يدعو خرافه الخاصة بأسماء ويُخرجها. ومتى أخرج خرافه الخاصة يذهب أمامها، والخراف تتبعه، لأنها تعرف صوته» ( يو 10: 3 ، 4)، وأيضًا: «خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني» ( يو 10: 27 ).

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net