الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 2 مارس 2006 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
المطوّبة مريم
وباركهما سمعان، وقال لمريم أمه ... أنت أيضًا يجوز في نفسك سيف ( لو 2: 34 ، 35)
هي بصدق الأم المثالية لكل الأجناس ولكل الأجيال. وقصتها امتزج فيها الشرف والمجد، بالمُعاناة والألم. فمن بداية الحكاية، لما ظهر لها الملاك جبرائيل وبشّرها، يذكر لنا البشير لوقا أنها اضطربت من كلامه، وفكّرت ما عسى أن تكون هذه التحية. ولكن اضطرابها وأفكارها في ذلك اليوم، كانت فقط مقدِمة لاضطرابات وأفكار كثيرة لحقت بعد ذلك.

أً يمكن أن تنسى نظرات الشك والريب في أمرها من جميع عارفيها، وحتى خطيبها يوسف أراد تخليتها سرًا، لولا ظهور ملاك السماء له؟ ثم أ تنسى يوم حان موعد ولادة الطفل، إذ لم يكن لهما موضع في المنزل، فولدت الوليد العظيم في مكان للبهائم؟ ثم أ تنسى كيف اضطرت بعد الولادة أن تهرب بالصبي يسوع إلى مصر، إذ طلب هيرودس أن يقتله، فقاست في مصر قسوة الاغتراب بين قوم لا تعرفهم دون ذنب فعلت؟

ومرَّت الأعوام وخرج السيد العظيم للخدمة الجهارية، وطبقت شهرته الآفاق، والأم تترقب تحقيق وعد الملاك بالعرش والمُلك. لكنها أيضًا كانت تتابع الموقف العدائي المُلتهب الذي اتخذته أُمته منه. لقد سمعت عن احتقار الأمة له، وعدائها نحوه، ووعيدها ومؤامراتها، وقلب الأم يخفق إشفاقًا وترقبًا.

بالإجمال نقول: إنه لم تعرف أم غبطة نظير المطوّبة مريم، كما لم تُقاسِ أيضًا أم نظيرها من آلام ومُعاناة على مدى حياتها. فكم بالأحرى وهي عند الصليب؟ لعلها تذكَّرت أنه من أكثر من ثلاثين عامًا خَلت، وهي ما زالت في أيام شبابها عندما حملت على ذراعيها وليدها فخورة ومعتزة به، سمعت من سمعان البار كلامًا نبويًا غريبًا إذ قال: «ها إن هذا قد وُضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل»، ثم قال لها: «وأنتِ أيضًا يجوز في نفسك سيف» ( لو 2: 35 ). والأرجح أنها لم تفهم معنى كلماته وقتها. ولعلها تفكّرت كثيرًا في ما بعد، ما عسى أن تعنيه نبوته هذه. أما أخيرًا، عندما وقفت إلى جوار الصليب، فقد عرفت كل شيء.

وعندما استيقظ سيف رب الجنود على راعي إسرائيل ليضرب المسيح ( زك 13: 7 )، كان هناك في نفس الوقت سيف آخر يجتاز في أحشائها، وهي بجوار ذياك الصليب.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net