الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 21 سبتمبر 2006 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ابنة فرعون
ولما لم يُمكنها أن تُخبئه بعد، أخذت له سفطًا من البردي وطلته بالحُمر والزفت، ووضعت الولد فيه ... ووقفت أخته من بعيد لتعرف ماذا يُفعل به
( خر 2: 3 ، 4)

لا نقرأ أن أم موسى كانت واقفة مع مريم ترقب ماذا سيحدث لابنها. وفي اعتقادنا أن هذا لم يكن مظهرًا لعدم المُبالاة لأم موسى، بل كان مبعثه الإيمان البسيط الواثق بأن هناك في السماء إله يحرس، ومع أنه هو أيضًا بعيد، بل وأبعد جدًا من مريم التي «وقفت ... من بعيد»، لكنه ـ بخلاف مريم ـ مهيمن ومسيطر على كل الأمور. وهو له قلب أكثر رقة من قلب الأخت أو قلب الأم، بالإضافة إلى العين الساهرة التي لا تنعس ولا تنام.

لقد كان موقفًا شجاعًا من مريم أن تخاطر بنفسها، وتذهب في جو مليء بالعداء ضد كل بني جنسها، لتنظر بعيني المحبة ما سيحدث مع أخيها. ونحن إذا كنا نرى في تصرف يوكابد الأم؛ صورة لتصرف مريم أخت لعازر في العهد الجديد التي لم تذهب، لا إلى الصليب ولا إلى قبر المسيح، ليس من منطلق عدم الوفاء أو الحب، بل بسبب المعرفة والإدراك أن سيدها سيموت، ثم سيقوم في اليوم الثالث. لكن هناك فضيلة مُكملة للفهم والإدراك، أعني بها المحبة، وهي ما نراها هنا في تصرف مريم الشجاع، الذي ظهر بعد ذلك في تصرف مريم المجدلية، التي ظلت إلى النهاية عند صليب المسيح، والتي ذهبت باكرًا والظلام باقٍ إلى القبر، لترى ماذا سيحدث لحبيبها الذي لم يكن في السفط، بل في القبر!

فتحت ابنة فرعون السفط، فرأت ولدًا استيقظ لتوه من النوم، وهو يبكي طالبًا لبن أمه، فرقَّت له ابنة فرعون. لم يكن الولد يضحك أو يبتسم، بل يذرف الدموع التي تتحدث عن الحزن. ولقد سيطر الله على مشاعر ابنة فرعون، وجعل بكاء الطفل يفعل فعله هنا، فحرَّك مشاعر هذه الأميرة المصرية!

نحن لا نعرف الكثير عن ابنة فرعون هذه. ولا نعرف لماذا قررت أن تتبنى موسى هذا: هل فقط لأنه ولد جميل؟ هل نستبعد أن الله المسيطر على الأمور كلها، منع عن هذه الأميرة ثمرة البطن، مما دفعها لأن تتبنى ولدًا من هذا الجنس المنبوذ؟ صحيح نحن لا نقدر أن نجزم بهذا، لكننا نعلم يقينًا أن الله يجعل كل شيء يخدم مقاصده الصالحة، ولا سيما تجاه شعبه. حتى دموع الصبي لم تكن باطلاً، وتوقيتها لم يكن حسبما اتفق. هذه هي معاملات العناية الإلهية، والتي لولاها، لمَا أبقى الشيطان على قديس واحد على الأرض.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net