الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 18 يناير 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ابنة يفتاح.. أيام قليلة وردية
وكان عند نهاية الشهرين أنها رجعت إلى أبيها، ففعل بها نذره الذي نذر ( قض 11: 39 )
كان يفتاح الجلعادي ابن امرأة زانية، ولذلك فقد طرده إخوته من ميراث أبيه وأرضه. ويبدو أنه هناك في المنفى الاختياري الذي اتخذه الأب يفتاح، وُلدت ابنته الوحيدة. ولم تكن هي وحيدته فحَسَب، بل كانت كل شيء جميل في حياته أيضًا.

ولكن حياة فتاتنا كانت قصيرة، فودّعت العالم وهي في عمر الزهور. لكن المأساة حقًا أن الفترة القصيرة التي عاشتها فوق هذه الأرض، لم يكن لها حظ في ابتسامات الحياة على الإطلاق. فقد كانت تحمل ذلة الماضي البعيد، إذ جاء أبوها إلى العالم نتيجة نشوة رعناء من أبيه، ونظر المجتمع نظرته المريبة إلى هذا الطفل الوليد، وعاقبه على ذنب لم يرتكبه هو. ولمَّا وُلدت البنت، حملت مع أبيها بشاعة جُرم جدها. فلقد وُلدت في أرض طوب بعيدة عن بلادها، لا تعرف شيئًا عن دفء الحياة العائلية. ويوم قُدِّر لها أن تعود إلى أرض الآباء، وقُدِّر لأبيها أن يعود إلى بلده رأسًا لا ذنبًا، ويوم ظنت أنها ستودع حياة التشرد إلى الأبد، لم تكن تدري أنها ستودع الحياة برمتها.

عرف أبوها الحياة المُعذبة. وسارت البنت وراء أبيها في أرض الدموع والألم. وهكذا عرفت فتاتنا ألم الحزن منذ نعومة أظفارها، وشربت كأس الحرمان مع لبن الرضاعة. عاشت خفيضة الرأس، تتجرَّع غُصص الألم. وجاء اليوم الذي تقاسم أباها الحياة الكريمة، فأبَت المقادير! وبدل أن تقاسم أباها كأس الفخار والعز، تعيَّن لها أن تشرب من يده هو كأسًا أخرى شديدة المرارة، فما كان منها إلا مواجهة هذا بثبات وشجاعة!

إن أيوب المُبتلي تكلم في البداية كلامًا طيبًا أمام تجربته القاسية، قابلاً من يد الرب كاس العلقَم. لكن سرعان ما سمعناه يسب يومه، ويسيِّب شكواه، ويتكلم في مرارة نفسه ( أي 3: 1 ، 10: 1). وأما هذه الفتاة فلم نسمع منها مُطلقًا، لا في الأول ولا في الآخر، إلا كل تسليم. قبلت مأساتها، وتسلَّمت فتاتنا الرقيقة بيد غير واجفة الكأس المُرَّة، واستسلمت لِما سمح لها الله، دون ما تذمر ولا شكوى!

أيتها الفتاة النبيلة الكريمة، ما أكثر ما نشكو نحن ونتذمر، مع أن ظروفنا أفضل بكثير! ألا علمتِنا أن نتقبل من إلهنا تجاربنا بثبات، كما فعلتِ أنت عندما قابلتِ الممات؟!!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net