الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 12 ديسمبر 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
نظرة العناية والاهتمام
فلما جاء يسوع إلى المكان، نظر إلى فوق فرآه، وقال له: يا زكا، أسرع وانزل، لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك ( لو 19: 5 )
كان زكا رجلاً يحظى بكل ما يبتغيه إنسان من غنى ومجد وجاه. فالمال يجري بين يديه بلا حساب، وبيوت الأغنياء قبل الفقراء تُفتح له في أي وقت، وله من المركز ما يؤهله بأن يدخل قصور الحكام. ولكن مع كل هذا، هل كان مكتفيًا راضيًا قانعًا بما هو فيه؟ نحن نجد الإجابة واضحة من أقوال حكيم الدهور: «كل الأنهار تجري إلى البحر والبحر ليس بملآن ... العين لا تشبع من النظر، والأذن لا تمتلئ من السمع» ( جا 1: 7 ، 8). نعم قد يجد زكا مَنْ يهادنه ويتملقه، ولكنه قط لم يجد مَن يحبه ويُقدّره. قد يجد مَن يسعى لمُصادقته، ولكنه لن يجد مَن يُخلِص له.

ونحن ندرك مشاعر زكا القلقة من الفِعلة العجيبة التي أقدم عليها، تسلُق الجميزة. فكيف به وهو في هذا المركز المرموق أن يفعل فِعلة، يُلام عليها الأطفال إن فعلوها؟! لكنه الفراغ الكبير الذي في قلبه، والجوع الشديد الذي في داخله، جعلاه يستشعر، بكيفية ما، أنه لن يجد شبعًا لنفسه المُتعبة المثقلة، إلا في ذلك الشخص الفريد العجيب. من أجل ذلك، وتحت وطأة شدة الاحتياج والجوع النفسي، «طلب أن يرى يسوع مَنْ هو» (ع3). وهل، وهو في هذه الحالة، يَدع أية عوائق تحول دون تتميم تلك الرغبة المُلحّة؟ هل كثرة الجموع، أو قصر قامته، تحول دون تحقيق ما يصبو إليه ويتمناه؟

وإذ بنا نراه وهو فوق الجميزة، ينتظر أن تكتحل عيناه بمرأى ذلك السيد المجيد، لكن يا للعجب .. فلقد أجاد مَن قال: إن يشوع القائد الظافر، في يومه أوقف الشمس في كَبد السماء، ولكن هنا زكا المُتعب العاني أوقف رب المجد وهو سائر في موكبه الجليل!! فعندما جاء الرب إلى المكان «نظر إلى فوق فرآه».

لقد كانت كل رغبة زكا أن يلمح الرب بنظرة من بعيد، فكيف به يتصوّر أن الرب بجلاله وعظمته يقف لأجله، ويرفع عينيه إليه هو، بل ويدعو نفسه ليُقيم عنده في بيته! .. أية معانٍ رائعة قرأها زكا في عيني رب المجد، وهو يتطلع إليه؟ أ يوجد مَن يهتم به؟ أ يوجد مَن ينشغل به؟ أما زال هناك مَن يتفكَّر فيه أفكارًا صالحة، وهو البائس الشقي؟ فلا غرابة بعد ذلك أن تُجري هذه النظرة المعجزات في حياة زكا (ع8).

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net