الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 22 فبراير 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
شمشون ومعاركه الشخصية
فقال لهم شمشون: ولو فعلتم هذا فإني أنتقم منكم، وبعدُ أكف ( قض 15: 7 )
بعد أن وُلد شمشون وكبر، ابتدأ روح الرب يحركه، فبدأ بداية واعدة، ولكنه بكل أسف لم يكمل المسيرة كما كان المتوقع، بل انحرف انحرافًا خطيرًا، قاده أولاً إلى أن يفقد شهادته، ثم بعدها أن يفقد انتذاره، ثم أخيرًا يفقد حياته!

لم تكن حياة شمشون بصفة عامة ناجحة. ولا نقرأ أنه صلى سوى مرتين، وكانت هاتان المرتان لأسباب شخصية لا روحية. ولقد دخل شمشون في العديد من العلاقات العاطفية فشلت كلها، ذلك لأنه سار وراء شهوته، لا وراء الرب. وكانت حياته، في مُجملها، سلسلة من المعارك الشخصية، تتخللها فترات من المُتع الجسدية. وهناك عبارة قالها شمشون تلقي الضوء على نوع معاركه، قالها عندما خذله صهره التِمني في فتاة أحلامه وحُبه الأول، وقرر شمشون أن ينتقم لكرامته المُهدَرة، فقال: «ولو فعلتم هذا، فإني أنتقم منكم، وبعد أكُف» ( قض 15: 7 ). بالأسف لم يكن شمشون مثل الشاب يوسف، لا في تعففه عن الشهوة، ولا في ترفعه عن الانتقام. فعندما أُخذت منه الفتاة التي قرر أن يتزوجها، والتي لم تكن مُعينة له من الرب، لم يعرف أن يقول، كما قال قبلاً يوسف النذير الحقيقي: «أنتم قصدتم لي شرًا، أما الله فقصد به خيرًا» ( تك 50: 20 )، كلا، بل قال هذه العبارة المُحزنة التي ما كانت تليق برجل الإيمان، النذير، الذي باركه الرب، وابتدأ روح الرب يحركه وهو بعد صبي. قال شمشون: «أنتقم منكم، وبعد أكف».

لكنك يا شمشون لم تحسب حساب الطرف الآخر الذي ستنتقم أنت منه. مَنْ قال لك إن الطرف الآخر سوف يكف؟ إنك بالانتقام ستدخل في حلقة مُفرَّغة، لا يعرف أحد مداها إلا الله. وجرائم الثأر في صعيد بلادنا تشهد بتلك المأساة الرهيبة!

ولذا فلقد ظل الفريقان كلٌ متربص بالآخر، حتى واتتهم الفرصة أخيرًا، وأمكنهم أن يقلعوا عينيه ويسجنوه. ولكن الانتقام لم ينتهِ هنا، فلقد انتقم هو أخيرًا لعينيه، قتل منهم نحو ثلاثة آلاف، ومات وهو ينتقم!

والدرس المبدئي الذي نتعلمه هنا هو أنك تستطيع أن تختار السير في طريق الشر، وأن تختار موعد بدء السير في هذا الطريق، ولكنك لست أنت الذي تحدد متى يتوقف. وليس سوى الله يعلم أين ومتى وكيف ينتهي هذا الطريق الزلِق والخطر!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net