الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 23 مارس 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مائدة في وسط البرية !
فقال موسى للرب... من أين لي لحمٌ حتى أعطي جميع هذا الشعب؟... أَ يُذبح لهم غنمٌ وبقرٌ ليكفيهم؟ أم يُجمع لهم كل سمك البحر ليكفيهم؟ ( عد 11: 11 - 32)
آه، كم هو مسكين الإنسان، حتى ولو كان موسى رجل الإيمان!!

لاحظ معي قوله الهام: «من أين لي لحم؟». فأداة الاستفهام «من أين؟» تعني التفكير في مكان، وهو لم يجد مكانًا. وفي الوقت نفسه، وللأسف، نسيَ أن إله النجاة لا يعدم مكانًا منه يرسل النجاة لشعبه المحتاج. وهنا أشفق الرب على عبده الصارخ إليه وقال له: «وللشعب تقول: تقدَّسوا للغد فتأكلوا لحمًا ... تأكلون لا يومًا واحدًا، (كما كانوا يحلمون)، ولا يومين، ولا خمسة أيام، ولا عشرين يومًا، بل شهرًا من الزمان»!!

وهنا عاد موسى للأسف، للتفكير مرة أخرى بدون إيمان، مُتجاهلاً المكان الآخر الذي منه يرسل الرب النجاة، فقال للرب: «ست مئة ألف ماشٍ هو الشعب الذي أنا في وسطه، وأنت قد قلت: أعطِهم لحمًا ليأكلوا شهرًا من الزمان! أَ يُذبح لهم غنمٌ وبقرٌ ليكفيهم؟ أم يُجمع لهم كل سمك البحر؟ فقال الرب لموسى: هل تقصر يد الرب؟ الآن ترى أَ يوافيك كلامي أم لا».

إن المشكلة هنا أن موسى استعرض المكانين الوحيدين اللذين، بحسب المنطق البشري، يمكن منهما تدبير اللحم، ألا وهما، من البر: الغنم والبقر، ومن البحر: السمك، ووجد أن هناك استحالة كاملة للتدبير منهما، لأسباب منطقية قوية للغاية، بسبب كثرة العدد (ست مِئة ألف ماشِ)، وطول المدة (شهر)، وصعوبة المكان الذي هم تائهون فيه (صحراء جرداء)، ولم يفكر موسى في الجو وطيور السماء، لأن الاستحالة في هذه الحالة أضعاف أضعاف استحالة توفير اللحم من البر أو البحر.

وهنا يُفاجأه إله النجاة كعادته، بأن النجاة ستأتي حتمًا، وستأتي سريعًا (غدًا)، وستأتي من مكان آخر!! المكان الذي لم يفكر فيه على الإطلاق! إنها ستأتي من الجو! وكانت الوسيلة هي الريح! الريح التي سيُرسلها لتهف على صفحة المياه، فتحمل السلوى المهاجرة، ثم تأتي كالسفن العظيمة، أو كالجسر الجوي الحديث، حاملة السلوى اللذيذة! وهنا لكي يفعل الرب هذا، كان لا بد أن يستعمل سلطانه على الريح، لا ليتحكم فقط في قوتها وسرعتها وزاوية اتجاهها، بل وأيضًا في زمن توقفها لكي تفرّغ حمولتها!

عجبي!! ما أروع هذا الإله! وما أعجب سلطانه!

ماهر صموئيل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net