الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 8 مارس 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إبراهيم .. إيمان لا يتزعزع
يا إبراهيم! .. خُذ ابنك وحيدك، الذي تُحبه إسحاق، واذهب إلى أرض المُريا، واصعده هناك مُحرقة على أحد الجبال الذي أقول لك ( تك 22: 1 ، 2)
تعرَّض إيمان إبراهيم في تكوين 22 لأكثر المِحَن حرارة، عندما طُلب منه أن يذبح، لا كل ثيرانه وقطعانه، بل إنسانًا. وليس واحدًا من خَدَمه، بل ابنه الوحيد، ابن الموعد الإلهي، ابن شيخوخته وابن محبته. لم يكن إسحاق مُذنبًا في شيء، بل كان ابنًا مُحبًا ومُطيعًا. لم يكن المطلوب من إبراهيم أن يطرد إسحاق من البيت أو من أرض كنعان، بل من أرض الأحياء! كان الامتحان متعارضًا مع القانون الإلهي والمَنطِق الجسدي والعاطفة البشرية، وكان على إبراهيم، لا أن يوافق فقط على موت ابنه الحبيب، بل أن يكون هو الجلاَد. لم يحدث أبدًا أن طُلب هذا المَطلَب من إنسان قبله أو بعده!

والعامل الآخر الذي زاد من شدة التجربة، هو التناقض بين الوعد الإلهي والأمر الإلهي. لأن الله، عندما دعا إبراهيم، أعطاه العديد من المواعيد الرائعة، والتي تتمركز كلها حول إسحاق. كان إسحاق هو النسل الذي ستمتلك ذريته أرض كنعان، وفيه ستتبارك كل الأمم، إذ ينبغي أن يأتي منه المسيح حسب الجسد ( تك 17: 7 )، وقد سبق الله وأعلن لإبراهيم أنه سيُقيم عهدًا أبديًا مع إسحاق ومع نسله من بعده ( تك 17: 9 )، وقد قَبِل إبراهيم كل هذه المواعيد، وآمن بها إيمانًا راسخًا، وتوقع إتمامها، لكن الأمر الإلهي أتاه بأن يقدم إسحاق مُحرقة، مُبطلاً كل المواعيد، وواضعًا إتمامها مع المستحيلات.

وبالرغم من هذه الصعوبات الشديدة، والكثير من المعوقات أمام إطاعة الأمر الإلهي، إلا أن إبراهيم نجح نجاحًا باهرًا. ولا يوجد ما يمكنه القيام بمثل هذه المهمة الشاقة سوى ذهن مُركَّز على الرب، لأنه إن كان إيمانه ضعيفًا، لكان قد شك أن الإعلانين هما من الإله الواحد نفسه. وإن كانا من الإله نفسه، فكان سيشك إن كان ينبغي أن يثق في هذا الإله ويطيعه. لكن إيمانه القوي استخدم المنطق التالي: ”إنني واثق من أن الله أعطاني تلك المواعيد، وأنه سيتممها، لذلك ينبغي أن أصدّقها، إن أمر الله الواضح هو أن أقدم إسحاق، ولذلك ينبغي أن أطيع. إنني أعلم أنهما أمران متناقضان، ولا يمكنني التوفيق بينهما، لكنني سأترك هذا لله. إنني أعلم أن إلهي كُليّ الحكمة والبر، وما وعد به سيُتممه، وما يأمر به لا بد أن يكون صحيحًا، لذلك ينبغي أن أطيعه فورًا.

موريس بسالي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net