الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 6 إبريل 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
نظرة الشفقة والحنان
استقبله عشرة رجال بُرصٍ، فوقفوا من بعيد … فنظر وقال لهم: اذهبوا وأَروا أنفسكم للكهنة، وفيما هم مُنطلقون طَهَروا ( لو 17: 12 - 14)
إن العيون لها قدرة على التعبير قد تفوق قدرة الكلمات التي تخرج من الشفاه! إذ إنها تُعبِّر عن ما يكنّه الإنسان في الباطن، وبذلك تُعطي انطباعًا يفوق، في العادة، أي انطباع تُحدثه الكلمات مهما سَمَت وكثرت. وهذا ما نراه واضحًا جدًا في شخص الرب ـ تبارك اسمه ـ والذي عبَّرت عيناه بأمور متنوعة، نُبهَر ونحن نتأملها، ونُعجب بما تُحدِثه من تأثير قوي في نفوسنا.

في ذهاب الرب إلى أورشليم اجتاز في وسط السامرة والجليل، وفيما هو داخل إلى قرية، استقبله عشرة رجال بُرصٍ. ما أبأس حال هؤلاء الرجال! إذ إن المرض الذي يُعانون منه ليس فقط غير قابل للشفاء، بل أنه حرمهم من بيوتهم وأُسرهم، وصاروا منبوذين من الكل، لا مكان لهم بين الناس، بل سُكناهم خارج حدود القرية أو المدينة، يعيشون مستوحشين بائسين لا ينتظرون سوى ساعة الموت والفناء، وهم يتأملون في أجسادهم البالية وهذا المرض اللعين يتغلغل فيها ويحللها، حتى تأتي ساعة المنية.

لكن ها رب المجد بجلاله وعظمته، ببهائه ونعمته، بجوده وصلاحه؛ بينما هو يشق طريقه إلى أورشليم، حيث سيتمم خطة الله الأزلية، ويُكمِّل أعظم عمل عُمل تحت الشمس، إذ به يُحوِّل مسار موكبه الجليل، فيجتاز وسط السامرة والجليل، ليتسنى لهؤلاء الشرذمة المُهملة البائسة أن تتلاقى معه، وتحظى بما لم يخطر لهم على بال: أن ينالوا شفاءً كاملاً، وطُهرًا خالصًا من هذا المرض القاسي المُميت! ولكن قبل أن يحصلوا على كل هذا، وفيما هم يصرخون إليه طالبين الرحمة، إذ بعيونهم المشتاقة المتلهفة لنظرة حنان، تتلاقى مع عيني ذلك الشفوق الحنون، فقبل أن يأمرهم بالذهاب إلى الكهنة، يقول البشير لوقا إنه «نظر وقال لهم»!

أية معانٍ متناغمة تحمل بين ثناياها كل مشاعر اللطف والحنان، الموَّدة والإحسان، الرحمة والغفران، عبَّرت عنها تلك النظرة الرائقة الطاهرة النقية!! فقبل أن تنطق شفتاه الكريمتان بما فيه شفاء أجسادهم، وعلاجهم من هذا المرض اللعين، عالجت عيناه الرائعتان نفوسهم المشوَّهة المُحطّمة، بتلك النظرة الخالدة، والتي تركت تأثيرًا قويًا مُنعشًا في نفوسهم التي عانت آلامًا قاسية أكثر مما عانته أجسادهم الضعيفة من جرَّاء هذا المرض!!

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net