الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 29 يونيو 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
التسليم
كان يسلِّم لمَنْ يقضي بعدلٍ ( 1بط 2: 23 )
ليس أصعب على الإرادة البشرية من التسليم الكامل، وإخضاع الإرادة الإنسانية للمشيئة الإلهية تمامًا. إلا أن حياة البركة، والتمتع بالتعزيات وسط الضيقات، يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بهذا التسليم.

وهناك نوعان من التسليم: الأول هو ”تسليم الاضطرار“، عندما لا يكون في طاقة يدنا شيء نفعله. فقد تسير الأمور عكس رغباتنا أو توقعاتنا، وأحيانًا ضد المنطق. إلا أن الحكمة تقتضي التسليم في مثل هذه المواقف، وليكن لسان حالنا عندئذٍ «صَمَتُّ. لا أفتح فمي، لأنك أنت فعلت» ( مز 39: 9 ). وروح الخضوع هذه، النابعة من قلب متضع، تأتي للنفس بالتعزيات الإلهية، كما هو مكتوب: «الله الذي يعزي المتضعين عزَّانا» ( 2كو 7: 6 )، وهذا ما فعله أيوب، مثلاً، في بلواه، حين قال: «الرب أعطى، والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركًا» ( أي 1: 21 ).

لكن النوع الثاني من التسليم يسمو عن الأول، وهو ”تسليم الاختيار“، أي التسليم عندما يكون في طاقتنا شيء نفعله، أو حُجة مُقنعة يمكننا الحديث بها، لكن إرادة الله ساعتها تُطالبنا بالصمت والسكون. وهذا النوع من التسليم يمكننا أن نراه ـ مثلاً ـ في مريم التي من بيت عنيا جزئيًا، وفي ربنا المعبود نفسه كُليًا.

فعندما تحدَّث يهوذا الإسخريوطي منتقدًا تصرف مريم حين سكبت قارورة الطيب على المسيح، وسار وراءه باقي التلاميذ (يو12) لم تتكلم هي، أو تحاول الدفاع عن نفسها التي كانت مشغولة عنها بذاك الذي يرى ويراقب «ويقضي بعدل»، وقد فعل.

أما ربنا المعبود يسوع، فهو ـ كالعادة ـ في القمة الشامخة. لقد كان بإمكانه في كل طريق آلامه أن يعدّل المَسَار، أو يقضي على المقاومين، أو يبيد أعداءه المُحيطين به، لكنه كان يعرف أن هذه هي المشيئة الإلهية ”الصالحة المرضية الكاملة“، التي من ورائها سيتمجد الآب والابن، وسيُهزم العدو، وستتبارك الملايين، لذا فقد سار «كشاة تُساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه» ( إش 53: 7 )، وفي هذا كله «كان يُسلِّم لمَن يقضي بعدل».

ليتنا في كل الأحوال نتواضع تحت يد الله القوية، ونخضع لمعاملات القدير الحُبية، فَنُسلِّم له الأمر بالتمام، عالمين أن الدعوى قدامه، وما علينا سوى أن نصبر له ( أي 35: 14 ).

ف.ب. هول
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net