الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 14 أكتوبر 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
طوبى لمن لا يعثر فيَّ
يوحنا .. أرسل اثنين من تلاميذه، وقال له: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟ فأجاب يسوع وقال لهما: اذهبا واخبرا يوحنا بما تسمعان .... ( مت 11: 2 - 4)
إن القوة التي شَفَت المرضى والعُرج والعُمي، وأخرجت الشياطين، وأقامت الموتى، كانت تستطيع بلا شك إنقاذ يوحنا من السجن. ولكنه كان يجب أن يتعلم أن الرب شفى هؤلاء المساكين بمنتهى السهولة لأن طبقة التربة الخفيفة لطبيعتهم لم يكن ممكنًا أن تحتمل حصادًا أوفر، فنفوسهم لم تكن تحتمل الحَرث العميق الذي لا يُستخدم إلا في التربة العميقة. أما يوحنا فلأن نفسه كانت كريمة عمقية ـ إذ كان أعظم المولودين من النساء ـ ولأن طبيعته كانت قادرة أن تعطي أعظم الثمار في فلاحة الله، فقد تُرك منتظرًا. فبينما نال الآخرون البركة ومضوا إلى حال سبيلهم، كان باقيًا ليوحنا ثلاثة أشهر فقط، وفيها كان يجب أن يعمل الصبر والإيمان عمله التام.

قد تظن أن الله كان قاسيًا معك عندما ساعد كل شخص آخر سواك. لكنك لا تدرك أن الله يحبك محبة شديدة، ولذا لم يطلق سراحك بالسهولة المُنتظرة، ولم يُعطك ما طلبت، ولم يُخلِ سبيلك. كان ممكنًا لله أن يهبك البصر، أن يشفي رجلك السقيمة، أن يشفي ابنك، أن يفتح أبواب سجن ظروفك، كان ممكنًا أن يفعل كل ذلك، لكنك سوف تشكره شكرًا لا حد له لعدم إتمامه شيئًا من هذا لأنك تستطيع شيئًا آخر. لقد ظللنا ننتظر السنوات الطويلة لا لأن محبته قد نقصت، فهي دائمًا محبة كاملة؛ ولا لأنه يرفض ما نسأل، بل لأنه يجعلنا شركاء في بركته عن طريق التدريب الطويل. كان يوحنا سيصبح شهيدًا، ويربح إكليل الشهيد، أ لم يكن هذا مُبررًا كافيًا في أنه لم يُعطَ في الحال الإنقاذ الذي طلبه؟!

«وطوبى لمَن لا يعثر فيَّ» ( مت 11: 6 ). لقد وضع الرب في متناول المعمدان بركة أولئك الذين يعرفون كيف ينتظرون الرب، والذين يثقون فيما يعرفونه عن قلبه وإن لم يستطيعوا أن يدركوا كل تصرفاته. وإننا إذ نرفض الخضوع ليد الله المقتدرة ونتساءل ونحتد غضبًا ونتذمر، نُفوِّت على أنفسنا الباب الذي يقودنا إلى الغبطة الغنية، والسعادة الحقيقية. أما إن هدأنا، وسكّتنا أنفسنا كفطيم، ودهنَّا رؤوسنا وغسلنا أوجهنا، أشرق النور علينا، وحفظ سلام الله الكامل قلوبنا وأفكارنا، ودخلنا إلى السعادة التي كشفها الرب أمام عيني سفيره الأمين.

ف.ب. ماير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net