والذهب غني عن التعريف. نقرأ عنه منذ البداية، منذ أيام الجنة ( تك 2: 11 ) فهو قديم قديم، لذا يمكننا أن نرى فيه مجد «القديم الأيام». وكم ارتبط، على طول كلمة الله، بالكرامة المَلكية، وبالأمجاد الإلهية. والقلب المبهور بأمجاد المسيح الشخصية، الموقن بطبيعة ذاك الكريم، يستقي من ذلك مادةً للسجود.
أما اللبان فهو خُلاصة عطرية متماسكة القوام، تُستخرج من شجرة دائمة الإوراق، فنكاد نقول عنها «وورقها لا يذبل» ( مز 1: 3 ). و«اللبان» بالعبرية leb-a-naw ومعناها ”أبيض“ من لونه، ولون الدخان الذي يتصاعد عند حريقه؛ فهو في طبيعته أبيض، وعند حرق الظروف له لا يظهر منه إلا الأبيض أيضًا. وأول ما نقرأ عنه في تركيب البخور العطر ( خر 30: 34 )، ومن أشهر استخداماته في تقدمة الدقيق ( لا 2: 1 ). وإلى مَنْ تشير كل هذه الأمور؟ إلى ذاك الشخص الذي عاش هنا على الأرض أروع حياة، ناصع البياض، كامل النقاء، يتصاعد من حياته روائح السرور للآب، حتى في أصعب الظروف. والقلب المُعجَب بهذه الحياة الكاملة، المتأمل باستمرار فيها، تنساب من فمه أعذب كلمات السجود.
والمُرّ هو خلاصة صمغية عطرية لشجيرات تنبت في الصحاري وسط ظروف مناخية قاسية للغاية. ويُقال إنها تخرج من الشجرة كإفرازات على شكل دموع. ويتميز المُرّ بمرارة شديدة حتى أنه سُميَ هكذا (الكلمة في العبرية كالعربي). وأول ما نسمع عنه في تركيب دُهن المسحة ( خر 30: 23 )، وفي وقت لاحق نقرأ عنه في تكفين جسد الرب يسوع قبل الدفن ( يو 19: 39 )، وفي كثير من الثقافات ارتبط بالتكفين. واستُخدم المُرّ استخدامًا طبيًا على نطاق واسع بصفة خاصة في تسكين الآلام وعلاج الجروح.
ومَنْ ذاق المُرّ كسيدنا في آلامه؟! وأي موت غير موته جلب الكرامة لله والحياة للإنسان؟ فأي مُرّ آخر مثل آلامه وموته يستحق أن يُذكر؟! إن آلامه المتنوعة، والعار الذي رضيَ بحمله، وعمله الكريم، والشبع بنتائج هذا العمل المبارك، لهيَ أمور تملأ قلوبنا بأروع سجود فيّاض لا ينقطع.