الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 16 مارس 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
هول الصليب
وابتدأ يَدهش ويكتئب. فقال لهم: نفسي حزينة جدًا حتى الموت! ... وخرَّ على الأرض، وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن ( مر 14: 33 - 35)
نحن نعلم أن الرب يسوع لم ينحرف قيد شعرة عن الخضوع الصامت الكامل لمشيئة الآب، إلا أننا نراه ـ في جثسيماني ـ يكاد ينفطر جزعًا من هول الموت وشبح الصليب الذي أمامه. ونحن نعرف السبب. فلم يكن خوفه من الألم الجسماني، رغم هول هذا الألم على جسده الحساس الطاهر الخالي من الخطية. ولم يكن جزعه مما هو عتيد أن يظهر علانية من بغض إسرائيل وإنكارهم للجميل، رغم عمق محبته لأورشليم. ولم يكن ظل وادي الموت هو الذي يُخيفه. فإن داود وقديسين كثيرين استطاعوا أن يقولوا: «أيضًا إذا سِرتُ في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا، لأنك أنت معي» كلا، فإن يسوع وهو فخر وتعبد وقوة فرح جميع الشهداء، لم يَمُت مجرد موت شهيد. إنه البار الذي مات من أجل الفجار. إن ما يعنيه الناس عند كلامهم عن الموت ومخاوف الموت، لم يكن له أي أثر للرعب عند الرب يسوع، فهو الذي قال لتلاميذه: «لعازر حبيبنا قد نام». وفي سياق تعزياته لهم في تلك الليلة الأخيرة، تكلم عن موته كمجرد ذهاب إلى بيت الآب وطلب إليهم أن يفرحوا بالحري لأنه ذاهب إلى بيت وعرش أبيه، وبهدوء كامل استودع روحه أخيرًا في يد الآب. فالعداوة والمقاومة والحقد والاحتقار وكل ما أظهرته أُمته وحكامها ـ كل هذا رغم وقعه الشديد على قلبه المُحب، كان معروفًا لديه من سنين وقد احتمله كله بصبرٍ وهدوء وشجاعة عظيمة ورجاء لا يتزعزع عالمًا أنه بالوداعة سيغلب وسينتصر، وأن الآب سيُنجح عمله. ولذلك فإن الشجاعة المُطلقة التي هي وليدة الإيمان الكامل في الله لازمته في كل خطوة من خطواته وتميزت بها كل أعماله ومواقفه. فهو لم يَخَف من إنسان قط. فمن أين إذًا كان الحزن الشديد والاكتئاب العميق والرعب الهائل في بستان جثسيماني؟

لقد عرف له المجد أنه كبديلنا على الصليب سيحتمل دينونة الخطية وأن نفسه ستُترك وحيدة، وأنه سيُحرم من ضياء وجه الله، وأن هذا الذي هو فرحه الوحيد ومصدر قوته بل جوهر حياته، سيؤخذ منه. لقد ذاق الموت الذي شوكته الخطية وقوته الناموس، وعندما رأى ما كان ينتظره ـ الموت في علاقته بالغضب الإلهي ـ ارتعد وارتعب وكان في صراع وحزن شديد. هذا هو سر فزعه في بستان جثسيماني وهو فزع لا يمكننا أن نتصوره بعقولنا.

أدولف سفير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net