الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 26 أغسطس 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
انتظار الإيمان
بالإيمان تغرَّب في أرض الموعد كأنها غريبة، ساكنًا في خيام... لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات، التي صانعها وبارئها الله ( عب 11: 9 ، 10)
عظيمًا كان إيمان إبراهيم. لقد قال له الرب يومًا: «قُم امشِ في الأرض طولها وعرضها، لأني لك أُعطيها» ( تك 13: 17 )، وكانت الاستجابة «فنقل أبرام خيامه وأتى وأقام عند بلوطات مَمرا التي في حبرون، وبنى هناك مذبحًا للرب». أ لم يكن من حقه أن يبني هناك مدينة؟ لكنه بنى هناك مذبحًا للرب الذي ظهر له، إصرارًا على الاغتراب، وإقرارًا بأنه يطلب وطنًا أفضل «بالإيمان تغرب في أرض الموعد». كانت قدماه على الأرض، وكان قلبه غريبًا. أين نحن أيها الأخ القارئ، أين نحن من هذا المستوى الرفيع؟! إن لوطًا حط رحاله ذات يوم في سدوم واتخذ فيها مكان الصدارة والحكم، لكنه سمع بأذنه أن سدوم ليست وطنه بل هو، في واقع الأمر، غريب عنها «جاء هذا الإنسان ليتغرَّب، وهو يحكم حكمًا» ( تك 19: 9 ).

أما إبراهيم فكان في أرض مُلكه لكنه حسبها غريبة إذ كان يسكن في خيام. وماذا كان فكر الرسول حين قال لنا «الوقت منذ الآن مُقصَّر، لكي يكون .... الذين يستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه. لأن هيئة هذا العالم تزول»؟ ( 1كو 7: 29 - 31). كان فكره فكر المسيح، أن نعد كل ما في العالم كأنه لا شيء. هكذا كان سبيل أبي العابرين: حيث حسب أرض الموعد «كأنها غريبة» بدليل أنه كان فيها «ساكنًا في خيام». ويبدو أن أمثولته كانت من الجدية والقوة بحيث تأثر بسبيله «إسحاق ويعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه» ـ أي موعد امتلاك أرض كنعان.

لقد تطلع قلب إبراهيم إلى «المدينة التي لها الأساسات» وليس نظير خيام الاغتراب بأوتادها وأطنابها التي صانعها وبارئها الإنسان. فالله بنفسه مؤسس مدينة الغرباء «التي صانعها» ـ المخطط لها ـ «وبارئها» ـ الذي قام بالتنفيذ وانتقى موادها بنفسه «الله». مدينة الغرباء الذين ليس «لهم هنا مدينة باقية، لكنهم يطلبون العتيدة» ( عب 13: !4). ليتنا نلقي نظرة فاحصة إلى رؤيا21، وكيف تقوم المدينة التي سوف يستقر فيها القديسون. واقرأ عن أمجادها ولمعانها وسورها وأبوابها وأساسات سورها المُزينة بكل حجر كريم، وقُل لنا أ ليست هذه المدينة تعويضًا عن خيام الغربة. هكذا كان تقدير إبراهيم، فهانت عليه رحلات خيامته المتنقلة والمعرَّضة لحر النهار وبرودة الليل.

أديب يسى
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net